إنّ من أعظم ما حذّر الله تعالى ورسوله ﷺ منه، هو التعلّق بغير الله تعالى في جلب النفع أو دفع الضر، سواء كان ذلك عبر تعليق التمائم أو التوجه إلى الكهّان والسحرة والعرافين أو الإيمان بالتنجيم وادّعاء معرفة الغيب. هذه الممارسات القديمة لا تزال تتجدّد في صور شتّى، لكنها تشترك في أصل واحد وهو ضعف التوكل على الله سبحانه وتعالى، ومجاوزة حدود الإيمان الصحيح. وقد جاء الإسلام ليطهّر العقيدة من كل شوائب الشرك والخرافة، وليبني التوحيد الخالص في قلوب المؤمنين.
في هذا المقال سنعرض جملة من الأحاديث النبوية والآثار الواردة عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام وعن الأئمة من بعده، التي تُبيّن خطورة هذه الأفعال، ووجوب اجتنابها والتوبة منها، مع بيان حكم النذور لغير الله، والرقي، والسحر، والعرافة، والتنجيم، وأثرها في الإيمان والعمل.

النهي عن التمائم والتول:

    عن عمران بن حصين أن رجلاً دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي عضده حلقة من صفر (نحاس)، وفي رواية وفي يده خاتم من صفر، فقال: ما هذا؟ قال: من الواهنة.قال: أما إنها لا تزيدك إلا وهنا[1].

  ونهى صلى الله عليه وآله وسلم أنه عن الرقي بغير كتاب الله عز وجل[2].

    ونهى صلى الله عليه وآله وسلم عن التمائم والتول . فالتمائم ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما تتحبب به النساء إلى أزواجهن كالكهانة وأشباهها، ونهى عن السحر[3].

في السحرة والكهان:

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله، ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لان الشرك أعظم من السحر، لان الشرك والسحر طيران مقرونان[4] .

  وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يرحم عصاة أمتي في الليلة المباركة، بعدد شعور أغنام بني كلب وربيعة ومضر، فيغفر لهم الا ثمانية نفر: وذكر منها: المشرك، والكاهن، والساحر ..الحديث[5] .

  وعن علي عليه السلام قال:

أقبلت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، ان لي زوجا به علي غلظة، واني صنعت شيئا لأعطفه علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أف لك كفرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض[6] .

  وقال عليه السلام: من السحت أجر الساحر[7] .

  وقال عليه السلام: فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين انه سحر قتل[8].

  وروي انه يخرج عنق من النار فيقول: أين من كذب على الله؟ وأين من ضاد الله؟ وأين من استخف بالله؟ فيقولون: ومن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: من سحر فقد كذب على الله، ومن صور التصاوير فقد ضاد الله، ومن تراءى في عمله فقد استخف بالله[9].

  وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا هام[10].

  وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام انه كان يقول:

كثير من الرقى وتعليق التمائم شعبة من الإشراك[11].

  وفي النذور التي عبادة:

والعبادة كما هو معلوم لا تكون إلا لله عز وجل، فمن نذر لله وجب عليه الوفاء بنذره إن كان ما نذر ان يعمله من الاعمال المباحة أما إذا نذر لله بأن يعمل عملاً محرماً كقطيعة رحم أو شرب خمر فيجب ألا يعصي الله وعليه الكفارة. أما أن ينذر لغير الله عز وجل: كأن يقول للرسول أو الولي الفلاني عليّ نذر، أو لهذا القبر عليّ نذر، أو للملك الفلاني عليّ نذر، فهذا النذر لغير الله ولا ينعقد أصلاً بل هو شرك تجب التوبة منه.

  فعن الباقر عليه السلام قال: النذر نذران، فما كان لله وفّى به، وما كان لغير الله فكفارته كفارة يمين[12].

   وفي الكهانة والتنجيم والعرافة وغيرها:

وهي أمور فيها ادعاء علم الغيب. قال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا ديوث، ولا كاهن ومن مشى إلى كاهن فصدقه بما يقول، فقد برئ مما انزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم[13].

  وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال:

 إن الله أوحى الى نبي في نبوته: أخبر قومك أنه ليس مني من تكهن وتُكهن له، او سحر أو سُحر له[14].

  وعنه أيضاً عليه السلام أنه قال: من السحت أجر الكاهن أجر القاف[15].

  وعنه أيضاً عليه السلام أنه قال: من جاء عرافا فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما انزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم[16] .

  وعن نوف البكالي قال:

رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه فنظر إلى النجوم فقال: يا نوف، ان داود قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد الا استجيب له، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا[17].

  وعن نوف البكالي أيضاً قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا نوف، اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا، ولا عريفا، ولا عشارا، ولا بريدا[18] .

  وعن الهيثم قال:

 قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن عندنا بالجزيرة رجلاً ربما أخبر من يأتيه ليسأله عن الشيء يسرق أو شبه ذلك. أفنسأله؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى الى ساحر أو كاهن أو كذاب فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الكتاب[19].

المصادر:

مسند الإمام أحمد بن حنبل.

سنن البيهقي الكبرى.

الكافي للكليني.

نهج البلاغة.

الطبراني في المعجم الكبير.

ابن أبي شيبة في المصنف.

عبد الرزاق في المصنف.

البزار في المسند.

 

 

[1] بحار الأنوار، للمجلسي، 59/121

[2] دعائم الإسلام، للقاضي النعمان المغربي، 2/141، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 4/316، 13/113، بحار الأنوار، للمجلسي، 60/18، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 15/174، 17/257، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي الشاهرودي، 4/184

[3] دعائم الإسلام، للقاضي النعمان المغربي، 2/142، بحار الأنوار، للمجلسي، 60/18، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 15/175، 17/242، العقل والجهل في الكتاب والسنة، لمحمد الريشهري، 262

[4] الكافي، للكليني، 7 /260 ، دعائم الإسلام، للقاضي النعمان المغربي، 2 /482، علل الشرائع، للصدوق، 2 /546، من لا يحضره الفقيه، للصدوق، 3 /567، تهذيب الأحكام، للطوسي، 10 /147، وسائل الشيعة ، للحر العاملي، 17 /146، 28 /365، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /106، 18 /191، النوادر، لفضل الله الراوندي، 90، بحار الأنوار، للمجلسي، 76 /212، /214، 92 /131(الحاشية‍)، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /242، 26 /77، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي الشاهرودي، 4 /503، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، لهادي النجفي، 5 /62، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 2 /1268

[5] مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /109، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /246

[6] مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /106، 14 /297

[7] مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /106، مصباح الفقاهة، للخوئي، 1 /445 (الحاشية‍(

[8] دعائم الإسلام، للقاضي النعمان المغربي، 2 /482، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /107، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /243، 25 /260، 26 /77، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 2 /1268

[9] مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 3 /454، 13 /110، 210، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /222، 246، دراسات في المكاسب المحرمة، للمنتظري، 2 /563(الحاشية)

[10] بحار الأنوار، للمجلسي، 60/18، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 16/386، 891، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليه السلام)، لهادي النجفي، 8/266

[11] دعائم الإسلام، للقاضي النعمان المغربي، 2/483، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17/259

[12] الاستبصار، للطوسي، 4/55، تهذيب الأحكام، للطوسي، 8/310، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 22/393، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 22/355

[13] مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /112، 14 /235، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /249، 20 /269، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليه السلام)، لهادي النجفي، 11 /91

[14]  الأصول الستة عشر، لعدة محدثين، 168، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13/111، 18/193، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17/249، الأصول الستة عشر من الأصول الأولية، تحقيق ضياء الدين المحمودي، 295

[15] مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /111، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /169، 248، 250، 251، نهاية الإحكام، للحلي، 2 /472، مفتاح الكرامة، لمحمد جواد العاملي، 12 /242 (الحاشية)، رياض المسائل، لعلي الطباطبائي، 8 /72، مستند الشيعة، للنراقي، 14 /116، جواهر الكلام، للجواهري، 22 /90، مستند تحرير الوسيلة، لمصطفى الخميني، /425 (الحاشية)، مصباح الفقاهة، للخوئي، 1 /640 (الحاشية)، فقه الصادق (عليه السلام)، لمحمد صادق الروحاني، 14 /447(الحاشية)، منهاج الفقاهة، لمحمد صادق الروحاني، 2 /150(الحاشية

[16]  مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /110

[17] خصائص الأئمة، للشريف الرضي، 97، بحار الأنوار، للمجلسي، 66 /276، 73 /359، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17 /250

[18] الأمالي، للصدوق، 278، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 13 /112، مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)، للميرجهاني، 2 /126، بحار الأنوار، للمجلسي، 72 /343، 74 /383، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 13 /328، 15 /529، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي الشاهرودي، 1 /322، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، لهادي النجفي، 11 /165، نهج السعادة، للمحمودي، 1 /447، الكنى والألقاب، لعباس القمي، 2 /89

[19] كفاية الأحكام، للسبزواري، 1/441، الحدائق الناضرة، ليوسف البحراني، 18/184، كتاب المكاسب، للأنصاري، 2/38، جامع المدارك، للخوانساري، 3/26، مصباح الفقاهة، للخوئي، 1/642، فقه الصادق (عليه السلام)، لمحمد صادق الروحاني، 14/448 (الحاشية)، منهاج الفقاهة، لمحمد صادق الروحاني، 2/150، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 17/150، مستطرفات السرائر، لإبن إدريس الحلي، 593، بحار الأنوار، للمجلسي، 2/308، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 17/249، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي الشاهرودي، 4/501، 9/205، درر الأخبار، لحجازي، خسرو شاهي، 50