من أخطر ما تقوم به الفرقة الضالة الشيعية هو تحريف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية لخدمة عقائدهم الباطلة التي تخالف منهج الإسلام الصحيح. فهم يزعمون القرب الحسي لله تعالى في هذه الآية الكريمة، ويؤولونها على غير ما فهمه السلف الصالح، محاولين أن يجعلوا لله تعالى حلولًا أو اتحادًا بخلقه – تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
وفي هذا المقال نردّ على هذه الشبهة الباطلة، ونوضح المعنى الصحيح لقوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾، وبيان أن القرب هنا قرب الملائكة وليس قرب الذات الإلهية، كما فسر ذلك الإمام ابن عثيمين رحمه الله في كتابه القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى.
قوله تعالى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة.
الرد على الشبهة وبيان المعنى الصحيح:
والجواب:
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في القواعد المثلى (ص 85):
أن تفسير القرب في الآيتين بقرب الملائكة ليس صرفًا للكلام عن ظاهره لمن تدبره.
أولًا: تفسير قوله تعالى:
﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ أما الآية الأولى: فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، ففي قوله: {إِذْ يَتَلَقَّى} دليل على أن المراد به: قرب الملكين المتلقيين.
ثانيًا: تفسير قوله تعالى:
﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ﴾
وأما الآية الثانية: فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}، ثم إن في قوله: {أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} دليلاً بينا على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة، لاستحالة ذلك في حق الله تعالى.
بيان وجه الإضافة في قوله تعالى: (ونحن أقرب):
بقى أن يقال: فلماذا أضاف الله القرب إليه، وهل جاء نحو هذا التعبير مرادًا به الملائكة؟.
فالجواب:
أضاف الله تعالى قرب ملائكته إليه لأن قربهم بأمره، وهم جنوده ورسله.
وقد جاء نحو هذا التعبير مرادًا به الملائكة، كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}، فإن المراد به قراءة جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن الله تعالى أضاف القراءة إليه، لكن لما كان جبريل يقرؤه على النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى صحت إضافة القراءة إليه تعالى. وكذلك جاء في قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}، وإبراهيم إنما كان يجادل الملائكة الذين هم رسل الله تعالى.
القواعد المثلى للإمام ابن عثيمين ص 85