هل خالفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ؟ بين الشبهة والرد....

يتناول هذا المقال شبهةً قديمة يثيرها بعض أهل الأهواء ممن يطعنون في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بزعم مخالفتها لأمر الله تعالى في قوله: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى. ويُبيّن المقال بالدليل أن خروجها رضي الله عنها في وقعة الجمل لم يكن تبرجًا ولا عصيانًا، وإنما كان اجتهادًا منها في طلب الإصلاح بين المسلمين، مستندًا إلى نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم الراسخين، ليُظهر مكانتها وعدلها وحرصها على مصلحة الأمة.

نص الشبهة:

يقول بعض الطاعنين أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خالفت أمر الله تعالى في قوله: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ بخروجها إلى البصرة في وقعة الجمل، وإن هذا الخروج دليل على عدم التزامها بالآية الكريمة.

القول بأن أم المؤمنين عائشة خالفت قوله تعالى ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى

 فجواباً على ذلك أقول:

 1- أن عائشة رضي الله عنها بخروجها هذا لم تتبرج تبرّج الجاهلية الأولى.

 2- الأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة أو خرجت مع زوجها في سفرة، فإن هذه الآية نزلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

 وقد سافر بهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، كما سافر في حجة الوداع بعائشة رضي الله عنها وغيرها، وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم.

 وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحججن كما كنّ يحججن معه في خلافة عمر رضي الله عنه وغيره، وكان عمر يوكل بقطارهن عثمان أو عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزاً فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين (أي في حرب الجمل، لأن شبهتهم هذه طرحت لهذه المسألة).