يُعدّ التحقق من صحة الأحاديث النبوية أمرًا أساسيًا في العقيدة الإسلامية الصحيحة، خصوصًا مع انتشار الروايات الموضوعة التي دسّها الشيعة وهم فرقة ضالة خارجة عن الإسلام لأغراض طائفية تهدف إلى تشويه صورة الصحابة، وإثبات دعاوى باطلة لا أصل لها في الدين.

ومن أكثر ما يروّجه هؤلاء الأحاديث الموضوعة حول فضائل أهل البيت بطرق لا تصح عن النبي ﷺ، لإيهام الناس بامتيازات لم تثبت شرعًا. ومن هذه الأحاديث أثر أبي الحمراء الذي زعم بعضهم أنه لازم النبي ﷺ تسعة أشهر، وأنه كان يشهد خروجه إلى بيت عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما، وأنه كان يقول عند بابهما:

"يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا".

وفي هذا المقال، نكشف ضعف هذا الحديث سندًا ومتنًا، ونُبيِّن الحقيقة العلمية في ضوء منهج المحدثين.

نص الحديث محل الدراسة

روى الإمام عبد بن حميد في مسنده:

"475 - حدثني الضحاك بن مخلد، حدثني أبو داود السبيعي، حدثني أبو الحمراء، قال: صحبت رسول الله ﷺ تسعة أشهر، فكان إذا أصبح أتى باب علي وفاطمة، وهو يقول: يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا".
مسند عبد بن حميد (ج 1 / ص 173)

تحليل السند وبيان علّته:

يتضح من إسناد الرواية أن فيها أبا داود السبيعي، واسمه نُفَيْع بن الحارث النخعي الهمذاني الكوفي، وهو كذاب متروك الحديث، كما نص على ذلك كبار أئمة الجرح والتعديل:

قال البخاري: يتكلمون فيه.

وقال يحيى بن معين: ليس بشيء.

وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال ابن حبان: لا تجوز الرواية عنه.

وقال الدارقطني وغيره: متروك.

وبهذا يتضح أن السند ساقط لا يُعتدّ به، لأن الحديث لا تقوم به حجة شرعية، إذ مدار الإسناد على راوٍ متروك وكذاب.

بيان سبب الوضع والغرض منه:

هذه الرواية من الأحاديث التي روّجها الشيعة لتدعيم دعواهم بأن الآية الكريمة من سورة الأحزاب نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين فقط دون غيرهم، بينما الحقيقة أن الآية نزلت في أمهات المؤمنين كما دلّت سياقاتها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33 ]

وهذا التوجيه الإلهي موجَّه أولًا لنساء النبي ﷺ، كما هو واضح في الضمائر المؤنثة في الآيات السابقة واللاحقة.

الرد على الشبهة:

يزعم البعض أن هذا الحديث دليل على أن النبي ﷺ خصّ أهل بيته من عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين بزيارة ودعاء دائم عند بابهما، ولكن:

1)              السند باطل كما تقدّم، وفيه كذاب متروك.

2)              لا يُعرف لأبي الحمراء رواية صحيحة تثبت أنه لازم النبي ﷺ تسعة أشهر.

3)              الحديث مخالف للواقع، إذ لم يُنقل عن أحد من الصحابة الموثوقين ذكر مثل هذا الحدث المستمر تسعة أشهر، وهو ما يُعدّ مستحيلًا أن يخفى على غير أبي الحمراء لو صحّ.

4)              الرواية تخدم غرضًا طائفيًا في تخصيص آية التطهير بعليٍّ وفاطمة فقط، مع أن النص القرآني والسياق يثبت أنها تشمل أزواج النبي ﷺ.

الخلاصة:

الحديث الذي يُروى عن أبي الحمراء في تسعة أشهر حديث موضوع لا يصح عن النبي ﷺ، ولا يثبت بحالٍ من الأحوال.

وقد اتفق علماء الحديث على أن أبا داود السبيعي (نُفيع بن الحارث) كذاب متروك، فلا يُقبل حديثه.

كما أن الرواية لا توافق العقل ولا النقل، وهي من آثار الوضع التي استخدمتها الفرقة الشيعية الضالة لإثبات مفاهيمها الخاطئة حول أهل البيت، رضي الله عنهم أجمعين.

المصادر والمراجع:

1)              مسند عبد بن حميد (ج 1 / ص 173).

2)              ميزان الاعتدال الذهبي.

3)              الضعفاء والمتروكون ابن الجوزي.

4)              الكامل في الضعفاء ابن عدي.

5)              ذخيرة الحفاظ ابن القيسراني.

6)              سير أعلام النبلاء الذهبي.

7)              لسان الميزان ابن حجر.