الزبير مع أمهات المؤمنين في لحاف واحد

 

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد.. فإن من أعظم ما يجب على المسلم الغيور على دينه وسيرة نبيه ﷺ أن يتثبت من كل ما يُروى عنه، خاصة إذا كان في ظاهر الرواية ما يمس مقام النبوة أو مكانة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. ومن الأحاديث التي روّجتها الفرقة الضالة الرافضة للطعن في النبي ﷺ وأزواجه الطاهرات، حديثٌ مكذوب نُسب زورًا إلى الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه، جاء فيه أن النبي ﷺ أدخله في لحافه ومعه إحدى نسائه! وهذا من أبطل الباطل وأقبح الكذب، وضعه رجل متهم بالوضع يُدعى إسحاق بن إدريس الأسواري، كما بيّن أئمة الحديث قاطبة.
في هذا المقال نعرض الشبهة كما يرددها أهل الزيغ، ونكشف حقيقتها من خلال التحقيق العلمي في الإسناد، وبيان أقوال النقاد من أئمة الجرح والتعديل، ليتضح للقارئ الكريم أن الحديث موضوع لا أصل له، وأن الغرض من نشره هو التشنيع على النبي ﷺ، وما هو إلا جزء من مشروع الرافضة في الطعن في مقام النبوة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشبهة والرد:

الشبهة:

زعموا أن النبي ﷺ أدخل الزبير بن العوام رضي الله عنه في لحافه، ومعه إحدى نسائه، وأن الحديث ثابت في كتب السنة.

 

هاك الجواب عن حديث الزبير بن العوام رَضِي الله عَنه:

أخرجه البزار في ((مسنده))(3/183/968) قال: حدثنا محمد بن المثنى وحدثنا الحسن بن يحيى الأرزي قالا نا إسحاق بن إدريس قال نا أبو معاوية الضرير قال نا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبيرعن أبيه قال: بعثني رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، أو فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فذهبتُ، ثم جئتُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معه بعضُ نِسَائِه فِي لِحَافٍ، فطرح علىَّ طَرَفَ ثَوْبٍ، أو طَرَفَ الثَّوْبِ.

قال أبو بكر البزار: ((وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا الزبير، ولا نعلم له غير هذا الإسناد، ولا نعلم أحدا تابع إسحاق بن إدريس على هذه الرواية)(.

وأخرجه كذلك ابن أبى عاصم في ((السنة)) (1394)، وابن عدى في ((الكامل)) (1/333)، والحاكم في ((المستدرك)) (3/410) ثلاثتهم من طريق إسحاق بن إدريس، إلا أنهم قالوا في الحديث ((فأدخلني في لحافه((.

قلت: وهذا الحديث كذب موضوع، لا يشك من تمرس بالحديث أن واضعه أراد منه التنقيص والتشنيع على النبى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأزواجه أمهات المؤمنين، إذ كيف يستجيز مسلمٌ رواية الحديث على هذه اللفظة المستقبحة ((فأدخلني في لحافه))، ومع النبى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما زعم وافترى زوراً وبهتاناً إحدى زوجاته!!، فعامل الله واضعه بما يستحق.

وواضعه إسحاق بن إدريس، وهو أبو يعقوب الأسواري البصري، وقد تفرد به كما قال أبو بكر البزار. وإسحاق هذا الكذاب الأشر، يروي عن همام وأبان وأبى معاوية الضرير وسويد أبى حاتم المناكير والأباطيل، مما لا يرويه سائر الثقات الأثبات.

قال يحيى بن معين: كذاب يضع الحديث. وقال البخاري: تركه الناس. وقال النسائي: متروك الحديث.

  وقال أبو زرعة: واهي الحديث ضعيف الحديث، روى عن سويد بن إبراهيم وأبى معاوية أحاديث منكرة.

وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث.

وقال الدارقطني: منكر الحديث.

وقال أبو حاتم بن حبان في ((المجروحين)):

((إسحاق بن إدريس الإسواري، من أهل البصرة، كنيته أبو يعقوب. يروى عن همام بن يحيى، والكوفيين، والبصريين. روى عنه: نصر بن على الجهضمي، وأهل البصرة. كان يسرق الحديث، وكان يحيى بن معين يرميه بالكذب.

اجابة الشيخ: أبو محمد أحمد شحاتة وفقه الله لكل خير...