تعتمد فرقة الشيعة على بعض الأحاديث الضعيفة أو المكذوبة لتدعيم معتقداتها حول العصمة وخصوصية أهل البيت، وغالبًا ما يُستشهد بهذه الأحاديث للقول بفضل خاص لهم. ومن أبرز الأمثلة حديث "الدعاء محجوب حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم"، الذي ورد في بعض كتب المتأخرين مثل الصواعق المحرقة للهيتمي وغيرها من المصادر، وقد حُشيت هذه الكتب بأحاديث ضعيفة وغرائب. يهدف هذا المقال إلى تحليل الحديث نقديًا، وتوضيح ضعف سنده وحقيقة دلالته، مع توضيح موقف العلماء من مثل هذه الأحاديث.
نص الحديث والرويات:
اللفظ في الصواعق المحرقة:
لم يُثبت هذا اللفظ في أي من كتب الحديث المعتبرة، ويعد حديثًا مكذوبًا ومختلقًا على النبي صلى الله عليه وسلم.
لفظ آخر عند الترمذي:
حدثنا أبو داود سليمان بن سلم المصاحفي البلخي قال أخبرنا النضر بن شميل عن أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب: «إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك».
أبو قرة الأسدي مجهول، وقد تفرد عنه النضر بن شميل.
تم تقييمه في ميزان الاعتدال 4/564 والتقريب رقم 8315.
حسّنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/150 وسلسلة الصحيحة 5/56-57 رقم 2035، ويشير القاضي أبو بكر بن العربي إلى أنه توقيفي.
شاهد من رواية إبراهيم بن إسحاق الواسطي:
أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري قال نا الدراقطني عن أبي حاتم بن حبان قال نا أبو راشد ريان بن عبد الله الخادم قال نا أبو مسلم عبد الرحمن بن عبد الله قال نا أبو يوسف الغسولي يعقوب بن المغيرة قال نا إبراهيم ابن إسحاق الواسطي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء محجوب حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم».
توقف العلماء في صحته، وقد قال ابن حبان: رواية إبراهيم الواسطي عن ثور لا يُحتج بها، وعامة العلماء يعتبرونها ضعيفة جدًا.
لفظ منكر فيه عبد الكريم الخزاز:
"الدعاء محجوب عن السماء حتى يتبع بالصلاة على محمد وآله"
الحافظ ابن حجر: نوفل بن سليمان أحد الضعفاء روى عن عبد الكريم الخزاز لكنه وهم.
نقد الحديث والتحليل:
ضعف السند: معظم الرويات إما مجهولة أو منكرها أو من رواة ضعفاء.
التناقض مع القرآن والسنة: لا يوجد دليل شرعي يفرض وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل قبول الدعاء بهذه الصورة.
استخدامه من قبل الشيعة: يتم استغلال مثل هذه الأحاديث الضعيفة لتأكيد فضل خاص لأهل البيت، وهي محاولة لإضفاء شرعية على معتقدات باطلة.
الرد على الشبهات:
الشبهة:
يشير بعض الشيعة إلى هذا الحديث ليثبتوا فضل خاص لأهل البيت صلى الله عليه وسلم وأن الدعاء لا يُستجاب إلا بوجودهم أو بالصلاة على النبي وأهل بيته.
الرد:
الحديث ضعيف ومنكر، ولا يجوز الاحتجاج به، ولا دليل شرعي له. لا يُستند إلا إلى الكتاب والسنة الصحيحة، التي لم تفرض هذه الشروط.
خاتمة المقال:
يتبين من دراسة حديث "الدعاء محجوب حتى تصلي على النبي" أنه حديث ضعيف ومكذوب، لا يُحتج به في العقيدة. ويجب على المسلمين التمسك بالكتاب والسنة الصحيحة، وتحري الدقة في الروايات، والابتعاد عن ما تحاول بعض الفرق الضالة ترويجه من أحاديث مكذوبة لتأكيد معتقدات باطلة.
المصادر:
◘ الصواعق المحرقة للهيتمي
◘ سنن الترمذي 1/150، 5/56-57
◘ سلسلة الصحيحة، الألباني رقم 2035
◘ ميزان الاعتدال 4/564
◘ التقريب رقم 8315
◘ العلل التناهية ابن الجوزي 2/358
◘ لسان الميزان ابن حجر 4/53