كشف الباطل في حديث "يا فاطمة! أما ترضين أن الله اختار رجلين" – تحليل الروايات الشيعية

تنتشر بين بعض فرق الشيعة روايات باطلة عن الصحابة، خصوصًا عن علي بن أبي طالب وفاطمة رضي الله عنهما، بهدف تعظيم علي على نحو غير منطقي وادعاء فضائل خارقة. من أبرز هذه الروايات حديث: "يا فاطمة! أما ترضين أن الله اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك؟". هذه الروايات غالبًا ضعيفة أو موضوعّة، ولم يثبتها أي من كتب الصحاح أو المصادر المعتبرة لدى أهل السنة. المقال الحالي يهدف إلى تحليل هذه الروايات، كشف ضعفها، والرد على الشبهات المروجة من قبل الشيعة.

قال الإمام الألباني:

"4898 - (يا فاطمة! أما ترضين أن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين: أحدهما أبوك، والآخر بعلك؟!).

موضوع

روي من حديث أبي هريرة، وعبد الله بن عباس، وأبي أيوب الأنصاري، وعلي الهلالي، ومعقل بن يسار.

1- أما حديث أبي هريرة؛ فيرويه أبو بكر محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي: حدثنا سريج بن يونس: حدثنا أبو حفص الأبار: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قالت فاطمة رضي الله عنها: يا رسول الله! زوجتني من علي بن أبي طالب وهو فقير لا مال له؟! فقال... فذكره.

أخرجه الحاكم (3/ 129)؛ وصححه على شرط البخاري ومسلم؛ كما في "تلخيص الذهبي"، فقد سقط التصحيح من "المستدرك"! ثم تعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل موضوع على سريج".

قلت: وذلك؛ لأن سريجاً ثقة من رجال الشيخين، وكذلك من فوقه؛ غير أبي حفص الأبار - واسمه عمر بن عبد الرحمن -؛ وهو ثقة.

فأحدهم لا يحتمل مثل هذا الحديث الموضوع؛ فالمتهم به أبو بكر الترمذي هذا.

وبذلك جزم الذهبي في "الميزان"؛ وقال: "ولعله الباهلي".

ووافقه الحافظ في "اللسان"؛ إلا أنه قال: "وجزم الحسيني بأنه غير الباهلي".

2- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه إبراهيم بن الحجاج قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1) (3/ 111/ 2)، والخطيب في "التاريخ" (4/ 195-196)، وابن عساكر (12/ 91/ 2-92/ 1). وقال الخطيب: "حديث غريب من رواية عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس. وغريب من حديث معمر بن راشد عن ابن أبي نجيح، تفرد بروايته عنه عبد الرزاق، وقد رواه عن عبد الرزاق غير واحد".

قلت: وإبراهيم بن الحجاج هذا؛ قال الذهبي: "نكرة لا يعرف، والخبر الذي رواه باطل، وما هو بالسامي ولا بالنيلي، ذانك صدوقان".

قلت: وهما أقدم طبقة منه.

ثم ساق له هذا الحديث، وقال: "تابعه عبد السلام بن صالح - أحد الهلكى - عن عبد الرزاق".

وأقره الحافظ في "اللسان".

ومتابعة عبد السلام بن صالح؛ أخرجها الثلاثة المذكورون، وكذا ابن عدي في ترجمة عبد الرزاق من "الكامل" (309/ 1).

وتابعه أحمد بن عبد الله بن يزيد الهشيمي: حدثنا عبد الرزاق به.

أخرجه الخطيب، وعنه ابن عساكر.

قلت: والهشيمي هذا هو من رواة حديث: "أنبأنا مدينة العلم..."، وقد مضى بيان حاله هناك برقم (2955)، وأنه كذاب؛ فراجعه.

ثم قال ابن عدي:

حدثنا الحسن بن عثمان التستري قال: أخبرنا محمد بن سهل البخاري: أخبرنا عبد الرزاق بإسناده نحوه.

وقال: "وهذا يعرف بأبي الصلت الهروي عن عبد الرزاق. وابن عثمان هذا ليس بذاك الذي حدثناه عن البخاري"!

كذا قال! وفي آخر كلامه غموض لعله من الناسخ! وقد عقد للتستري هذا ترجمة خاصة؛ قال فيه (93/ 2-94/ 1): "كان يضع الحديث، ويسرق حديث الناس، سألت عبدان الأهوازي عنه؟ فقال: كذاب".

وأبو الصلت متهم أيضاً، وهو صاحب الحديث المشار إليه آنفاً برقم (2955)؛ فأغنى عن إعادة الكلام عليه.

ولعل التستري سرق هذا الحديث منه؛ فإنه به يعرف؛ كما تقدم عن ابن عدي.

"يا حبيبتي فاطمة! ما الذي يبكيك؟!". قالت: أخشى الضيعة من بعدك! فقال: "يا حبيبتي! أما علمت أن الله تبارك وتعالى اطلع إلى أهل الأرض اطلاعه فاختار منها أباك..." الحديث نحو حديث أبي أيوب، وفيه ذكر الحسن والحسين والمهدي. وقال السيوطي وابن عراق: "قال الذهبي: هذا موضوع. والهيثم بن حبيب هو المتهم بهذا الحديث".

قلت: ذكره الذهبي في ترجمة الهيثم من " الميزان". فتعقبه الحافظ في "اللسان" بقوله: "والهيثم بن حبيب المذكور؛ ذكره ابن حبان في الطبقة الرابعة من (الثقات)"!

وأقول: تساهل ابن حبان في توثيق المجهولين معروف مشهور عند أهل العلم بهذا الشأن، فإن ثبت أنه ثقة؛ فالعلة ممن فوقه، وهو علي بن علي الهلالي؛ فإني لم أجد من ذكره.

وأبوه نفسه غير معروف إلا في هذا الحديث؛ فقد أورده الحافظ في "الإصابة" لهذا الحديث من رواية الطبراني أيضاً - يعني: في "الكبير" -، ثم قال: "وأخرجه في "الأوسط" وقال: إنه لا يروى إلا بهذا الإسناد".

5- وأما حديث معقل؛ فيرويه خالد بن طهمان، عن نافع بن أبي نافع عنه قال:وضأت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم؛ فقال:

"هل لك في فاطمة رضي الله عنها تعودها؟!". فقلت: نعم؛ فقام متوكئاً علي، فقال: "أما إنه سيحمل ثقلها غيرك، ويكون أجرها لك". قال: فكأنه لم يكن علي شيء، حتى دخلنا على فاطمة عليها السلام، فقال لها: "كيف تجدينك؟".

قالت: والله لقد اشتد حزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي - قال أبو عبد الرحمن (ابن الإمام أحمد): وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث - قال:"أوما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً؟!".

أخرجه أحمد (5/ 26)، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 89/ 1).

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات؛ غير خالد بن طهمان؛ فضعفه الأكثرون. وقال ابن معين:

"ضعيف خلط قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقة"

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة - محمد ناصر الدين الألباني-ج 10 ص 530 – 535

558 - حديث أبي هريرة:

قالت فاطمة: زوجتني من علي، وهو فقير يا رسول الله؟ قال: "(أما) (1) ترضين أن الله (2) اطّلع على أهل الأرض، فاختار رجلين، أحدهما: أبوك، والآخر: بعلك" (3).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: بل موضوع على سُرَيْج (4) بن يونس.

مختصر تلخيص الذهبي ج 3 ص 1427

الشبهة والرد عليها:

الشبهة:

 الرواية توحي بأن علي رضي الله عنه وزوجته فاطمة رضي الله عنها اختيروا بشكل مباشر من الله على بقية البشر بطريقة خارقة للعادة.

الرد:

الرواية ضعيفة وموضوعّة، ولا تعتمد على أي سند صحيح.

تعظيم علي بهذه الطريقة مخالف للعقل والمنطق ولم يثبت عن النبي ﷺ ولا عن الصحابة.

الروايات الصحيحة توضح فضل علي رضي الله عنه بدون مبالغة في القدرات الخارقة.