الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
كثيرًا ما يروج علماء الرافضة، وخاصة المعممين منهم، بين عوام أتباعهم أن أهل السنة والجماعة يكرهون أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ويبغضونهم. وهذه دعوى باطلة، يكررونها لتثبيت عقيدتهم الفاسدة في عقول من لا يميز الحق من الباطل، وقد أحسن الله وصف أتباعهم بقوله: ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾.
ولو تأملنا الواقع والحقائق بإنصاف، لرأينا أن أهل السنة هم أكثر الناس محبة ووفاءً لأهل البيت الأطهار، بل هم الذين نقلوا لنا مناقبهم وفضائلهم بأسانيد صحيحة موصولة، ثبتت في أصح كتب الحديث عند المسلمين، من الصحاح والمسانيد، وعلى رأسها صحيح البخاري وصحيح مسلم، اللذان لا يطعن في صحتهما إلا من في قلبه مرض أو هوى.
أما الرافضة، فعلى كثرة ما يزعمونه من حب لعلي وآل بيته، فإنهم لا يستطيعون أن ينقلوا فضيلة واحدة لعلي بن أبي طالب بسند صحيح موصول إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفق الشروط التي وضعوها هم بأنفسهم لما يسمونه «الحديث الصحيح «، والذي يعرف عندهم بأنه: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط الإمامي عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
ومن أعظم فضائل الإمام علي رضي الله عنه التي نقلها أهل السنة ما جاء في الصحيحين:
«لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»
فأي منقبة أعظم من أن يشهد النبي لعلي بأنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله؟
هذا الحديث رواه البخاري ومسلم، وهما من أعظم كتب أهل السنة، الذين يُتهمون زوراً من الرافضة بأنهم «نواصب«! فهل من يعادي عليًا يروي عنه هذا الفضل العظيم؟ بل هل من يبغضه يجعله نموذجًا يُحتذى في المحبة والطاعة؟
والسبب في نقل هذا الحديث هو إيمان أهل السنة بأن الإيمان الحق لا يكتمل إلا بمحبة من يحبهم الله ورسوله، وبغض من يبغضهم الله ورسوله، ولهذا نقلوا هذا الحديث واعتنوا به؛ لأنه برهان على إيمانهم، ومحبتهم لأهل البيت، وعلى رأسهم الإمام علي رضي الله عنه.
وكذلك ما رواه البخاري ومسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي:
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».
وفيه إثبات جلي لمنزلة علي عند النبي، ومكانته من الرسالة، فهل يبغضه من يروي مثل هذا الحديث في أصح كتب الحديث؟!
وقد نقل مسلم في صحيحه أيضاً قول النبي لعلي:
«والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة؛ إنه لعهد النبي الأمي إلى ألا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق».
فبالله عليكم، هل يعقل أن مسلمًا يعتقد هذا، ويضعه في صحيحه، ويعلم ما يترتب على بغض علي من النفاق، ثم يكون هو مبغضًا لعلي؟! أليس هذا من تناقض من يرمي أهل السنة بالنصب والعداوة لأهل البيت؟
ولو كان يبغض عليًا لما روى هذا الحديث، ولما أثبته في صحيحه، لكنه رواه لأن أهل السنة لا يقولون إلا بما ثبت، ويحبون من أحبه الله ورسوله، ويبغضون من أبغضهما، ولذلك فهم أحق الناس بمحبة أهل البيت.
أما الرافضة، فعلى كثرة ادعاءاتهم، فهم عاجزون عن الإتيان بحديث واحد صحيح، فيه فضيلة لعلي بن أبي طالب، مسندًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفق الشروط التي ألزموها أنفسهم، ولطالما طلب منهم أهل السنة ذلك، ولم يستطيعوا الجواب، مما يدل على أنهم - في حقيقة الأمر- لا يملكون شيئاً إلا الشعارات والدعاوى الباطلة.
فليعلم الناس من خلال هذه المقارنة من هم الذين أحبوا أهل البيت، ونقلوا فضائلهم، وعملوا بما جاء في النصوص الصحيحة، ومن هم الذين يرفعون شعارات الحب كذباً وهم في الحقيقة لم ينقلوا لأئمتهم حديثاً واحداً يثبت لهم الفضل كما رواه أهل السنة.
ولذلك نقولها بوضوح:
الرافضة جمعوا بين رفضهم للحق، ونصبهم للمؤمنين، فلا هم حفظوا حق الصحابة، ولا هم نقلوا فضل الأئمة بحق، وإنما هم قوم في قلوبهم مرض، فضلوا وأضلوا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.