السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ما مدى صحة الحديث المنسوب إلى رسول الله ﷺ عن أنس بن مالك، وفيه قوله:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد - الآية 28]
أتدري من هم يا بن أم سليم؟
قلت: من هم يا رسول الله؟
قال: «نحن أهل البيت (الذِّكر)، وشيعتنا ذكر الثقلين، وأنهما لقرينان لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
وقد زُعم أن هذا الحديث أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "مناقب المطهرين"، عن أنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، فهل هذا الحديث صحيح فعلاً؟ وهل هو مروي فعلاً في كتب أهل السنة؟
♦ الرد والتوضيح:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
وجزاكم الله خيراً على حرصكم.
نص هذا الحديث يتم تداوله بكثرة في المنتديات والمواقع التابعة للشيعة الإمامية الاثني عشرية، ويُحتج به لإثبات مزاعم حول مقام أهل البيت وشيعتهم. غير أن البحث الدقيق في كتب السنة المعتبرة يُظهر عدم وجود هذا الحديث في دواوين السنة الصحيحة، ولا في كتب الحافظ أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله، سواء في "حلية الأولياء"، أو "دلائل النبوة"، أو غيرها.
أما كتاب "مناقب المطهرين" المنسوب إلى أبي نعيم، فلا يوجد له أثر معروف أو متداول بين أهل العلم المعتبرين، ولا يمكن الاعتماد على نسبة مثل هذه النصوص إليه دون وجود مصدر موثق أو سند صحيح.
✅ القاعدة الذهبية عند أهل السنة:
لا يُقبل الحديث إلا بسند متصل صحيح عن العدل الضابط، من غير شذوذ ولا علّة، وهو المنهج الذي يغيب تماماً في كتب الشيعة، التي تمتلئ بالمراسيل والموضوعات والانقطاعات والتعارضات.
🔹مفارقة خطيرة:
الرافضة يدّعون محبة آل البيت ثم يطعنون فيهم!
يدّعي الرافضة أنهم يحبون آل البيت، ولكن كتبهم تطفح بالروايات التي تطعن فيهم صراحةً. على سبيل المثال، في كتاب الرجال للكشي وتنقيح المقال للمامقاني،
ورد عن زرارة بن أعين – أحد أعظم رواة الشيعة – أنه قال:
"سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قلت: التحيات والصلوات؟
قال: التحيات والصلوات.
فلما خرجت قلت: إن لقيته لأسألنه غداً.
فسألته من الغد عن التشهد، فقال كمثل ذلك.
قلت: التحيات والصلوات؟
قال: التحيات والصلوات.
فلما خرجت ضرطت في لحيته، وقلت: لا يفلح أبداً."
فهل يُعقل أن يكون هذا الكلام من محبٍ لأهل البيت؟!
وهل من توقير الأئمة أن يُروى عنهم مثل هذا السفه؟!
بل الأعجب أن هذا زرارة بن أعين هو أحد أكثر رواة الشيعة روايةً، كما نقل الخوئي أن مروياته تبلغ (2490) مورداً في كتبهم!
🔹موقف أهل السنة من أهل البيت:
أما أهل السنة والجماعة، فهم الذين أحبوا آل البيت محبة شرعية، لا غلو فيها ولا تفريط، بل اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتصديقًا لأحاديثه الصحيحة.
وكتب السنة مليئة بفضائل أهل البيت، ومنها:
✅ قول النبي ﷺ في صحيح مسلم:
«والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة؛ إنه لعهد النبي الأمي إليّ ألا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق».
✅ وفي الصحيحين:
«لأعطينّ الراية غدًا لرجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» – وأعطاها لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
✅ وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي:
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» – رواه البخاري ومسلم.
فأين هذه الأحاديث من الكذب المتداول في كتب الرافضة؟
من الذي نقل فضائل أهل البيت؟ أليسوا أهل السنة؟
ومن الذي طعن فيهم ونسب إليهم ما لا يليق؟ أليسوا أصحاب الروايات الرافضية التي تطعن في الأئمة أنفسهم؟!
🔹الخلاصة:
♦ حديث "نحن أهل البيت الذكر، وشيعتنا ذكر الثقلين" حديث باطل لا أصل له، ولا يوجد في دواوين السنة، ولا في كتب أبي نعيم المعتبرة، ولا يعرفه أهل العلم.
♦ نسبته إلى أهل السنة كذب صريح، يراد به إيهام العوام وابتزاز عاطفتهم.
♦ أهل السنة هم الناقلون الموثوقون لفضائل آل البيت، بينما الشيعة هم الطاعنون فيهم عمليًا من خلال مرويات فاسدة ومتناقضة.
♦ أهل السنة أحبوا آل البيت، لكن ضمن إطار الكتاب والسنة، لا الغلو ولا الابتداع.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.