تسعى بعض الفرق الضالة، وخاصة الشيعة، إلى نشر أحاديث وروايات باطلة وغير صحيحة بهدف تشويه الإسلام وإثارة الشبهات حول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام. من هذه الروايات، ما ورد عن لفظ "أهجر" في حادثة كتابة الوصية قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وزعم بعضهم أن عمر رضي الله عنه قالها، وهو ادعاء لا سند له. هذا المقال يوضح الحكم الصحيح للفظ ويبين منهج العلماء في التعامل مع أقوال الصحابة، ويكشف بطلان ادعاءات الشيعة بطريقة علمية ومنهجية، ليكون دليلاً للقارئ الباحث عن الحقيقة.
لقد جاءت هذه الألفاظ في بعض الروايات، ويدعي بعض الرافضة أن القائل للفظ هجر لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو عمر رضي الله عنه، وهذا الإدعاء غير معتبر إلا أن يأتي الرافضة برواية صحيحة معتبرة على ذلك، ولن يستطيعوا.
إن الحكم على الأقوال الصادرة من أصحابها يجب أن يكون بعلم، وعدل، وانصاف، ولا يجوز لنا أن نتخطى وجود رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتصرفه في الحوادث التي وقعت في حضوره، فما قاله الرسول صلى الله عليه واله وسلم على العين، والرأس ولا يحل لمسلم يؤمن بهذا الدين العظيم مخالفة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في اي شيء يقوله، أو يفعله، أو يقره.
في الصحيحين:
" 4431 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ؟ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ، فَقَالَ: «ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا»، فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ» وَأَوْصَاهُمْ بِثَلاَثٍ، قَالَ: «أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ» وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ أو قَالَ فَنَسِيتُهَا "
صحيح البخاري - بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ – ج 6 ص 9، وصحيح مسلم - بَابُ تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ - ج 3 ص 1257
قال الإمام النووي:
" وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وْقَوْلُهُ أَهَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَهَجَرَ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ أصح من رواية من روى هَجَرَ وَيَهْجُرُ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ مَعْنَى هَجَرَ هَذَى وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا مِنْ قَائِلِهِ اسْتِفْهَامًا لِلْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ قَالَ لَا تَكْتُبُوا أَيْ لَا تَتْرُكُوا أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجْعَلُوهُ كَأَمْرِ مَنْ هَجَرَ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَهْجُرُ وَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ الْأُخْرَى كَانَتْ خَطَأً مِنْ قَائِلِهَا قَالَهَا بِغَيْرِ تَحْقِيقٍ بَلْ لِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْحَيْرَةِ وَالدَّهْشَةِ لِعَظِيمِ مَا شَاهَدَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَفَاتِهِ وَعَظِيمِ الْمُصَابِ بِهِ وَخَوْفِ الْفِتَنِ وَالضَّلَالِ بَعْدَهُ وَأَجْرَى الْهُجْرَ مَجْرَى شِدَّةِ الْوَجَعِ وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ لَا عَلَى أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ"
شرح صحيح مسلم - أبو زكريا يحيى بن شرف النووي – ج 11 ص 93
وقال الإمام ابن حجر:
" قَوْلُهُ فَقَالُوا مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ بِهَمْزَةٍ لِجَمِيعِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ فَقَالُوا هَجَرَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَاكَ فَقَالُوا هَجَرَ هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَادَ هَجَرَ مَرَّتَيْنِ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَى أَهَجَرَ أَفَحَشَ يُقَالُ هَجَرَ الرَّجُلُ إِذَا هَذَى وَأَهْجَرَ إِذَا أَفْحَشَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أن يَكُونَ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِهَا وَقَدْ تَكَلَّمَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَطَالُوا وَلَخَصَّهُ الْقُرْطُبِيُّ تَلْخِيصًا حَسَنًا ثُمَّ لَخَّصْتُهُ مِنْ كَلَامِهِ وَحَاصِلُهُ أن قَوْلَهُ هَجَرَ الرَّاجِحُ فِيهِ إِثْبَاتُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَبِفَتَحَاتٍ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ قَالَ وَلِبَعْضِهِمْ أَهُجْرًا بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُضْمِرٍ أَيْ قَالَ هُجْرًا وَالْهُجْرُ بِالضَّمِّ ثُمَّ السُّكُونِ الْهَذَيَانُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَقَعُ مِنْ كَلَامِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَنْتَظِمُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا ينْطق عَن الْهوى وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَا أَقُولُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا إلا حَقًّا وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ تَوَقَّفَ فِي امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِإِحْضَارِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَيْفَ تَتَوَقَّفُ أَتَظُنُّ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ يَقُولُ الْهَذَيَانَ فِي مَرَضِهِ امْتَثِلْ أَمْرَهُ وَأَحْضِرْهُ مَا طَلَبَ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ إلا الْحَقَّ قَالَ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أن بَعْضَهُمْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ شَكٍّ عَرَضَ لَهُ وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ أن لَا يُنْكِرَهُ الْبَاقُونَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَلَوْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ لَنُقِلَ وَيُحْتَمَلُ أن يَكُونَ الَّذِي قَالَ ذَلِك صدر عَن دهش وَحَيْرَةٍ كَمَا أَصَابَ كَثِيرًا مِنْهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ أن يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ أَرَادَ أَنَّهُ اشْتَدَّ وَجَعُهُ فَأَطْلَقَ اللَّازِمَ وَأَرَادَ الْمَلْزُومَ لِأَنَّ الْهَذَيَانَ الَّذِي يَقَعُ لِلْمَرِيضِ يَنْشَأُ عَنْ شِدَّةِ وَجَعِهِ وَقِيلَ قَالَ ذَلِكَ لِإِرَادَةِ سُكُوتِ الَّذِينَ لَغَطُوا وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ أن ذَلِكَ يُؤْذِيهِ وَيُفْضِي فِي الْعَادَةِ إلى مَا ذُكِرَ وَيُحْتَمَلُ أن يَكُونَ قَوْلُهُ أَهَجَرَ فِعْلًا مَاضِيًا مِنَ الْهَجْرِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيِ الْحَيَاةَ وَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي مُبَالَغَةً لِمَا رَأَى مِنْ عَلَامَاتِ الْمَوْتِ قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي تَرْجِيحُ ثَالِثِ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْقُرْطُبِيُّ وَيَكُونُ قَائِلُ ذَلِكَ بَعْضَ مَنْ قَرُبَ دُخُولُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَكَانَ يَعْهَدُ أن مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ قَدْ يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ تَحْرِيرِ مَا يُرِيدُ أن يَقُولَهُ لِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ وَلِهَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا مَا شَأْنه يهجر استفهموه وَعَن بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أن نَبِيَّ اللَّهِ لَيَهْجُرُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ بَعْدَ أن قَالَ ذَلِكَ اسْتَفْهِمُوهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِالِاسْتِفْهَامِ أَيِ اخْتَبِرُوا أَمْرَهُ بِأَنْ يَسْتَفْهِمُوهُ عَنْ هَذَا الَّذِي أَرَادَهُ وَابْحَثُوا مَعَهُ فِي كَوْنِهِ الأولى أَولا وَفِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَاخْتَصَمُوا فَمِنْهُمْ من يَقُول قربوا يكْتب لكم مَا يشْعر بِأَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ مُصَمِّمًا عَلَى الِامْتِثَالِ وَالرَّدِّ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنْهُمْ وَلَمَّا وَقَعَ مِنْهُمُ الِاخْتِلَافُ ارْتَفَعَتِ الْبَرَكَةُ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ عِنْدَ وُقُوعِ التَّنَازُعِ وَالتَّشَاجُرِ وَقَدْ مَضَى فِي الصِّيَامِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُهُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَرَأَى رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فَرُفِعَتْ "
فتح الباري – احمد بن علي بن حجر - ج 8 ص 133
خلاصة كلام الائمة:
أن اللفظ الراجح هو أهجر للاستفهام، وباقي الألفاظ مرجوحة، وان ثبتت الألفاظ الاخرى فان قائلها مخطيء قطعا، والحكم في ذلك لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وبما أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يذكر حكما للقائل، ولم يرد عن الحاضرين للحادثة من الصحابة الكرام والال الاطهار اي حكم للقائل، فيكون الحكم على فرض التسليم في ثبوت هذا اللفظ هو عذر قائله، اما بدخوله للاسلام حديثا، أو من الدهشة، والحيرة التي يصاب فيها الانسان في المصائب ولا يعي ما يقول، والله اعلم.
وقد ورد في كتب الرافضة كلمات من بعض كبار علمائهم وهم يتكلمون مع الائمة تدل على الطعن الصريح.
ومنها ما جاء في الكافي:
" 3 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَ حُمْرَانُ أو أَنَا وَ بُكَيْرٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّا نَمُدُّ الْمِطْمَارَ قَالَ وَ مَا الْمِطْمَارُ قُلْتُ التُّرُّ فَمَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أو غَيْرِهِ تَوَلَّيْنَاهُ وَ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أو غَيْرِهِ بَرِئْنَا مِنْهُ فَقَالَ لِي يَا زُرَارَةُ قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ فَأَيْنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا أَيْنَ الْمُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ أَيْنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً أَيْنَ أصحاب الْأَعْرَافِ أَيْنَ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ.
وَزَادَ حَمَّادٌ فِي الْحَدِيثِ قَالَ فَارْتَفَعَ صَوْتُ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) وَصَوْتِي حَتَّى كَانَ يَسْمَعُهُ مَنْ عَلَى بَابِ الدَّارِ. وَ زَادَ فِيهِ جَمِيلٌ عَنْ زُرَارَةَ فَلَمَّا كَثُرَ الْكَلَامُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ قَالَ لِي يَا زُرَارَةُ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أن لَا يُدْخِلَ الضُّلَّالَ الْجَنَّةَ "
الكافي – الكليني - ج 2 ص 382 – 383، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن كالصحيح – ج 11 ص 106
لقد رفع زرارة صوته إلى حد أن من كان خارج الدار يسمع صوته وهو يكلم المعصوم، ويرد عليه، فما هو حكم الذي يرفع صوته على المعصوم، ويخالفه في الحكم الذي ينقله في الشريعة؟!
بل قد ورد في الكافي أن زرارة قد وصف الإمام المعصوم بانه لا علم له بالخصومة.
قال الكليني:
" 7- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): يدخل النار مؤمن؟ قال: لا والله، قلت: فما يدخلها إلا كافر؟ قال: لا إلا من شاء الله، فلما رددت عليه مرارا قال لي: أي زرارة إني أقول: لا وأقول: إلا من شاء الله وأنت تقول: لا ولا تقول: إلا من شاء الله، قال: فحدثني هشام بن الحكم وحماد، عن زرارة قال: قلت في نفسي: شيخ لا علم له بالخصومة. قال: فقال لي: يا زرارة ما تقول فيمن أقر لك بالحكم أتقتله؟ ما تقول في خدمكم وأهليكم أتقتلهم؟ قال: فقلت: أنا - والله - الذي لا علم لي بالخصومة "
الكافي – الكليني - ج 2 ص 385 – 386، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن كالصحيح بسنديه– ج 11 ص 115
فهل سيطعن الإمامية بزرارة بعد قوله في الإمام المعصوم (شيخ لا علم له بالخصومة) ؟ !!!.
بل ورد عن زرارة تقديم كلام الحكم بن عيينة الزيدي على كلام الإمام المعصوم.
ففي معرفة اختيار الرجال:
" 262 - محمد بن مسعود، قال: كتب إلينا الفضل، يذكر عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عيسى بن أبي منصور وأبي أسامة الشحام و يعقوب الأحمر، قالوا: كنا جلوسا عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه زرارة فقال أن الحكم بن عيينة حدث عن أبيك أنه قال صل المغرب دون المزدلفة، فقال له أبو عبد الله عليه السلام انا تأملته ما قال أبى هذا قط كذب الحكم على أبي، قال: فخرج زرارة وهو يقول: ما أرى الحكم كذب على أبيه "
اختيار معرفة الرجال - الطوسي - ج 1 - ص 377
الرواية فيها تصريح رد زرارة على المعصوم عندما قال المعصوم عن الحكم كذب، فرد زرارة بقوله ما ارى الحكم كذب على ابيه، فهل سيطعن الإمامية بزرارة بعد رده كلام المعصوم، ومخالفته لأخبار المعصوم بكذب الحكم؟
الشبهة:
قول عمر رضي الله عنه أو غيره "أهجر" بمعنى الغضب على النبي صلى الله عليه وسلم
الرد:
لم يثبت عن أي صحابي قول "أهجر" بهذا المعنى. ما ورد في الصحيحين عن ابن عباس وحدث النزاع حول كتابة الوصية يؤكد أن اللفظ هو للاستفهام لا للغضب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحكم في كل ما يحدث في حضوره، كما أشار النووي وابن حجر.
الشبهة:
الطعن في المعصومين بناءً على كلام زرارة......
الرد:
ما ورد عن زرارة وغيره من كبار رواة الشيعة في الكافي ومرآة العقول يظهر أنهم وقعوا في خطأ الفهم أو النقل، وأنه لا يجوز الطعن في المعصومين استنادًا لأقوال مَن أخطأ في النقل، فالأساس هو ما ورد عن المعصوم نفسه، وهو معصوم من الخطأ.
الشبهة:
الطعن في الشريعة المستنبطة من الأحاديث
الرد:
كل ما يزعمه بعضهم من الطعن في حكم المعصومين أو مخالفة قولهم للقوانين الشرعية باطل، لأن الحكم دائمًا للنبي صلى الله عليه وسلم وللمعصومين الثابتين بالنص.