تُعتبر بعض الروايات التي يروّج لها الشيعة لتحريف أحاديث الصحابة رضوان الله عليهم من أكثر الأمور الخاطئة التي تهدف إلى تشويه صورة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. يزعم الرافضة أن الروايات التي تتحدث عن حادثة غسل الثياب بعد الاحتلام تشير إلى مخالفة شرعية أو خلوة محرمة، وهذا ادعاء باطل وغير صحيح. في هذا المقال، سنوضح تفسير هذه الأحاديث كما وردت في صحيح مسلم وسنن الترمذي، وسنبيّن كيف أن كل النقاط فيها تتوافق مع الشريعة الإسلامية، ولا يوجد أي سوء أو مخالفة، بل إن عائشة رضي الله عنها قامت بتعليم الضيف حكم شرعي في مسألة المني كما هو مثبت في الكتاب والسنة، مؤكدين بذلك مكانتها كأم المؤمنين وواحدة من فقهاء الصحابة الكبار.

في صحيح الإمام مسلم:

 "وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ نَازِلًا عَلَى عَائِشَةَ فَاحْتَلَمْتُ فِي ثَوْبَيَّ فَغَمَسْتُهُمَا فِي الْمَاءِ، فَرَأَتْنِي جَارِيَةٌ لِعَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَبَعَثَتْ إِلَيَّ عَائِشَةُ فَقَالَتْ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ بِثَوْبَيْكَ؟ قَالَ قُلْتُ: رَأَيْتُ مَا يَرَى النَّائِمُ فِي مَنَامِهِ، قَالَتْ: هَلْ رَأَيْتَ فِيهِمَا شَيْئًا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: «فَلَوْ رَأَيْتَ شَيْئًا غَسَلْتَهُ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَابِسًا بِظُفُرِي»"

صحيح مسلم - بَابُ حُكْمِ الْمَنِيِّ - ج 1 ص 238

وفي سنن الترمذي:

" حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: ضَافَ عَائِشَةَ ضَيْفٌ، فَأَمَرَتْ لَهُ بِمِلْحَفَةٍ صَفْرَاءَ، فَنَامَ فِيهَا، فَاحْتَلَمَ، فَاسْتَحْيَا أَنْ يُرْسِلَ بِهَا وَبِهَا أَثَرُ الاِحْتِلاَمِ، فَغَمَسَهَا فِي الْمَاءِ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ أَفْسَدَ عَلَيْنَا ثَوْبَنَا؟ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَفْرُكَهُ بِأَصَابِعِهِ، وَرُبَّمَا فَرَكْتُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَابِعِي.

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الفُقَهَاءِ مِثْلِ: سُفْيَانَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، قَالُوا: فِي الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ يُجْزِئُهُ الفَرْكُ وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ.

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ.

 وَرَوَى أَبُو مَعْشَرٍ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ.

وَحَدِيثُ الأَعْمَشِ أَصَحُّ.

تحقيق الألباني: صحيح، ابن ماجة (538)"

صحيح وضعيف سنن الترمذي - محمد ناصر الدين الالباني - ج 1 ص 116

النقطة الأولى: الضيف نزل في المكان المخصص للضيوف وليس داخل البيت.

النقطة الثانية: التي رأت الضيف هي الجارية وليست عائشة.

النقطة الثالثة: لا يوجد اي مخالفة شرعية في الرواية ولا يوجد خلوه لان ثبت بالرواية انه يوجد جواري بالبيت مع عائشة.

النقطة الرابعة: عائشة رضي الله عنها لم تعلم بجنابته التي علمت بجنابته هي الجارية لما رأته يغسل ثوبه.

النقطة الخامسة: عائشة رضي الله عنها قامت بتعليم الرجل حكم شرعي وهذا لا عيب فيه لأنها من فقهاء الصحابة.

النقطة السادسة: عائشة رضي الله عنها عملت بشرع الله واوامره الله سبحانه وتعالى امرها بذلك قال تعالى: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة.

النقطة السابعة: عائشة رضي الله عنها هي أم المؤمنين ولا يوجد شيء بسؤالها او انها تسأل أحد فجاءت عنها كما روى الدارقطني ان شاب جاء لسؤلها عن حكم فاستحى منها فقالت اسال ما بدى لك فإنما أنا أمك، فعائشة أم المؤمنين فكيف يظن بها السوء؟!

الشبهة:

يدعي بعض الرافضة أن حديث غسل الثياب بعد الاحتلام فيه خلوة محرمة أو سلوك غير لائق من أم المؤمنين رضي الله عنها.

الرد:

جميع النقاط المذكورة في الحديث تثبت صحة وسلامة الموقف:

الضيف نزل في مكانه المخصص ولم يدخل بيت عائشة مباشرة.

التي رأت الثياب هي الجارية، وليس عائشة نفسها.

وجود جواري في البيت يمنع أي خلوة محرمة.

عائشة رضي الله عنها لم تعلم بما حدث إلا بعد اطلاع الجارية.

تعليم عائشة للضيف حكم غسل الثياب بعد المني أمر شرعي ولا عيب فيه.

كل ذلك يأتي تنفيذًا لأوامر الله سبحانه وتعالى في تعلّم الأحكام ونقلها: ﴿واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة.

عائشة رضي الله عنها كأم المؤمنين كانت تشرح الأحكام الشرعية لمن يستحي ويأتي لسؤالها، كما رواه الدارقطني، مما يدل على طهارتها وسمو مكانتها.