تنتشر في كتب الشيعة الإمامية رواياتٌ وأحاديثُ لا أصل لها ولا سند معتبر، ويستندون إليها في بناء عقائدهم وعباداتهم مع ما فيها من التناقض والاضطراب. وقد تأثر كثير منهم بهذه الروايات الموضوعة حتى أصبحت أساسًا لتكفير المسلمين واتهام القرآن بالتحريف. والشيعة - باعتبارهم فرقةً ضالّة خارجة عن منهج الإسلام الصحيح - يستعملون هذه النصوص الملفقة لاتهام أهل السُّنّة بتحريف القرآن أو ترك بعض الآيات، وفي مقدمة ذلك مسألة البسملة: هل هي آية من كل سورة، أم ليست كذلك؟
هذا المقال يعرض أوضح شاهد على تناقضهم:
فهم يزعمون أن القرآن عندهم مطابق للقرآن عند أهل السُّنّة، وفي الوقت ذاته يجزمون بأن البسملة آية من كل سورة، ثم تأتي روايات أئمتهم وتنقض هذا الزعم من أساسه لأنها تنص نصًّا واضحًا على ترك الأئمة للبسملة! وهذا لازم للتحريف الذي يتهمون به غيرهم، فيقعون فيه بأيديهم.
وإذا كان ترك البسملة عند الشيعة حراما ودليلا على التحريف عندهم فإننا نقدم إليهم باقة من الأدلة من كتبهم تنص على ترك الأئمة للبسملة.
وهذا لازم للتحريف.
عن مسمع في الحسن أو الموثق قال: «صليت مع ابي عبد الله (عليه السلام) فقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين» ثم قرأ السورة التي بعد الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.
ثم قام في الثانية فقرأ الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بسورة أخرى.
(تهذيب الأحكام للطوسي2/288 الحدائق الناضرة للحقق البحراني8/108).
عن بكير عن مسمع البصري قال: «صليت مع أبي عبد الله (ع) فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين ثم قرأ السورة الثي بعد الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قام في الثانية فقرأ الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ سورة أخرى»
(الاستبصار للطوسي1/311-312).
عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون اماما يستفتح بالحمد ولا يقول بسم الله الرحمن الرحيم قال: لا يضره ولا بأس بذلك»
(الاستبصار للطوسي1/312 وسائل الشيعة للحر العاملي6/62).
وعن مسمع البصري قال: صليت مع أبي عبد الله عليه السلام فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين. ثم قرأ السورة التي بعد الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قام في الثانية فقرأ الحمد لله ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم»
(تهذيب الأحكام2/288 وسائل الشيعة6/62).
وعن محمد بن علي الحلبي أن أبا عبد الله سئل عمن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب، قال نعم، إن شاء سراً وإن شاء جهراً. فقيل، أفيقرأها من السورة الأخرى، قال لا»
(الاستبصار1/132 ووسائل الشيعة 6/61 ).
وقال الحر العاملي: «ذكر الشيخ - يعني الطوسي وغيره ، أن هذه الأحاديث محمولة على التقية.
قال الرافضة:
البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة ما عدا براءة (مستدرك الوسائل4/164). لكنهم أجازوا ترك البسملة للتقية
(وسائل الشيعة6/60).
وذكروا بأن أبا حنيفة خالف في أن البسملة آية من القرآن محتجا بالروايات الآحادية وتمسك به مع أنه خطأ»
(كتاب نهج الحق 6).
وقال المجلسي في الذكرى: «وقد خالف ابن الجنيد من الشيعة وذهب على أنها في غير الفاتحة افتتاح وهو متروك. انتهى. وما ورد من تجويز تركها في السورة إما مبني على عدم وجوب السورة كاملة أو محمول على التقية لقول بعض المخالفين بالتفصيل»
(بحار الأنوار82/21).
الضحى والانشراح والفيل ولايلاف عند الرافضة سورتان فقط
وهل نسي الرافضة أنهم مختلفون في عدد السور، وليس في البسملة فقط. وإليك بيان ذلك:
◘ قال الحلي: «روى أصحابنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل ولإيلاف، فلا يجوز إفراد إحداهما من صاحبتها في كل ركعة. ولا يفتقر إلى البسملة بينهما على الأظهر»
(شرائع الإسلام1/66).
◘ وقال بأن «الضحى والإنشراح سورة، والفيل ولإيلاف سورة: ولا بسملة بينهما»
(الجامع للشرائع ص81 يحيى بن سعيد الحلي).
◘ وقال: «والضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذلك الفيل ولايلاف وتجب البسملة بينهما على رأي»
(قواعد الأحكام 1/273 للحلي).
◘ ونقل الحلي عن الاستبصار: أن سورتي الضحى والإنشراح عند آل محمد سورة واحدة وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا لا يفصل بينهما بسم الله الرحمن الرحيم». نعم وجدنا الحلي يخالف قول علمائه في ذلك ولكن مخالفته لهم تفيد على الأقل إختلافهم على ثبوت البسملة. فكيف يتناسى الرافضة ذلك؟
◘ وأكد الحلي أن جاحد البسملة لا يكفر لوجود شبهة عنده
(تذكرة الفقهاء1/114).
◘ وذكر أنه لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح وسورة الفيل ولايلاف. وهل تعاد البسملة بينهما؟
أجاب الحلي:
الأقرب ذلك لأنها ثابتة في المصحف، وقال الشيخ في التبيان: لا تعاد لأنها سورة واحدة والاجماع على أنها ليست آيتين من سورة واحدة»
(تذكرة الفقهاء1/116 و4/150).
واعترف البهائي العاملي على أن الأكثر من علماء الشيعة على وحدة السورتين (الضحى والانشراح)
(الاثنا عشرية للبهائي العاملي ص 63).
وتساءل الخوئي:
سورتا الضحى والانشراح وكذلك لإيلاف والفيل: هل هما سورتان أم سورة واحدة؟
فأجاب:
بأن «المعروف بل المتسالم عليه عند الأصحاب هو الثاني» وبعد أن أطال في مناقشة هذا القول وقع في تخبط كبير، وبعد اللف والدوران قال ما يلي:
◘ «بعدما عرفت من وجوب الجمع بين السورتين عملا بقاعدة الاشتغال: فهل يجب الفصل بينهما بالبسملة أو يؤتى بهما موصولة؟ فيه خلاف بين الأعلام، بل ينسب الثاني إلى الأكثر، بل عن التهذيب عندنا لا يفصل بينهما بالبسملة، وعن التبيان ومجمع البيان أن الأصحاب لا يفصلون بينهما بها»
(كتاب الصلاة للخوئي 3/354-359).
◘ نقل المجلسي عن الشيخ في الاستبصار أن سورة الضحى والانشراح هما سورة واحدة عند آل محمد وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا ولا يفصل بينهما بالبسملة. وحكى المجلسي الاختلاف على ذلك والاكثر على ترك البسملة.
(بحار الأنوار82/46).
وفي الختام نقول:
إذا كان الاختلاف في البسملة كفرا عندكم فقد حكمتم على أنفسكم بالكفر لأنكم مختلفون في عدد السور والآيات.