السؤال

لماذا نحن أهل سنة نخفي ولا نذكر أهل البيت ـ رضي الله عنهم ـ لصغارنا؟ يعني مثلاً من الابتدائي إلى المتوسط لا نعرف فاطمة والحسن والحسين إلا في الروايات والقصص، ولا توجد تفاصيل عنهم، أنا بصراحة أحرج عندما يقول لي الشيعي أنتم تكرهون أهل البيت.

الإجابــة                                                   

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد

فهذا الإشكال مؤسس على قاعدة باطلة مخالفة للواقع، فأهل السنة ـ بحمد الله ـ هم أعرف الناس وأحفظهم لحق آل بيت النبوة، وهذا عندهم أصل أصيل مجمع عليه، ينصون عليه في كتب العقيدة المطولة والمختصرة ويفردون لهم أحكاما خاصة في كتب الفقه، وقد اقتبس العلّامة صديق حسن خان هذا المعنى الجليل، فأدرجه في كتابه المعروف قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، تأكيدًا على ما عليه أهل السنة من إجلال وتقدير لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أمر مجمع عليه بينهم. فالسنة يراعون الحقوق، ويُنزلون الناس منازلهم، دون تجاوز أو تقصير، ولهذا فإنهم لا يخرجون أمهات المؤمنين، ولا آل العباس، ولا آل عقيل من دائرة آل البيت، خلافًا لمن ابتدعوا في الدين وتشدقوا بحب آل البيت وهم في الحقيقة يُبرّؤون أنفسهم من كثير منهم، بل ويتطاولون عليهم بالطعن والتجريح.

إنّ أهل السنة يتميزون بموقف متّزن تجاه آل البيت، يجمع بين المحبة الشرعية والتقدير، دون غلو يفضي إلى العصمة، أو جفاء يفضي إلى التهميش. وهم لا يقفون عند آل بيت النبي فقط، بل يعظّمون كل من له فضل، كقريش، بل والعرب عامة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم منهم، ولأن الله شرّفهم بنزول الوحي بلغتهم. ويقول الإمام البربهاري في شرح السنة: "اعرف لبني هاشم فضلهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعرف فضل قريش والعرب وجميع الأفخاذ، فاعرف قدرهم وحقوقهم في الإسلام".

وعليه، فلا ينبغي أن ينخدع السائل الكريم بادعاءات أهل الأهواء الذين يتظاهرون بحب آل البيت، بينما كتبهم تمتلئ بما يناقض ذلك من غلوّ وطعن صريح. فهم قد طعنوا في بعض آل البيت، ورفعوا آخرين فوق منزلة البشر، فادّعوا لهم العصمة، بل نسبوا إليهم القدرة على محاسبة الخلق يوم القيامة، وجعلوا محبتهم شفيعًا يغني عن الأعمال والمعاصي، وكل هذا من الإفك والضلال.

أما أهل السنة، فهم على الجادة، أمة وسط كما وصفهم الله تعالى، لا يفرطون ولا يفرّطون، ولا يغلوْن ولا يجْفُون، بل يسلكون طريق الاعتدال في كل شيء، لا سيما في هذا الباب الجليل. ولهذا فإن البحث الموسّع في هذه المسألة يحتاج إلى الرجوع إلى المصادر المتخصصة،

 ومن الكتب المختصرة والمفيدة في هذا الباب:

فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة للشيخ عبد المحسن العباد.

العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط للدكتور سليمان السحيمي.

الشيعة وأهل البيت للشيخ إحسان إلهي ظهير.

طعون الشيعة في آل بيت النبوة لعبد الله بن سليمان الطلحي.

ونذكّر في الختام بأنّ ما قد يقع من بعض الأفراد من تقصير في تعليم أبنائهم وتعريفهم بمكانة آل البيت، إنما هو خلل فردي لا يُنسب إلى منهج أهل السنة، بل هو كغيره من التقصير في بعض شعائر الدين، ولا يتعدى أثره فاعله، نسأل الله الهداية للجميع.

والله أعلم