يحاول بعض أتباع الفرق الضالة، وعلى رأسهم الشيعة الإمامية، تشويه التاريخ الإسلامي ونسب أحاديث وأقوال غير صحيحة لخدمة أهوائهم السياسية والعقائدية، ومن أبرز محاولاتهم التشكيك في فضل الصحابة الكبار بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. في هذا المقال نسلط الضوء على نصوص صحيحة من كتب أهل السنة تثبت تقدير علي بن أبي طالب رضي الله عنه للصحابة الكبار، وخاصة أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ونوضح الشبهات والرد عليها بدقة وفق المصادر الموثوقة.

قال الإمام أحمد:

 "557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: كَيْفَ بَايَعْتُمْ عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ عَلِيًّا؟ قَالَ: مَا ذَنْبِي؟ قَدْ بَدَأْتُ بِعَلِيٍّ، فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَسِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: فَقَالَ: فِيمَا اسْتَطَعْتُ. قَالَ: ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَبِلَهَا[1].

وقال الحافظ الهيثمي:

" 8945 - وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: كَيْفَ بَايَعْتُمْ عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ عَلِيًّا؟ قَالَ: مَا ذَنْبِي؟ قَدْ بَدَأْتُ بِعَلِيٍّ فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَسِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: فَقَالَ: فِيمَا اسْتَطَعْتُ؟ قَالَ: ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَبِلَهَا.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد وَفِيهِ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا [2]"

بل الثابت عن علي رضي الله عنه تعظيم الشيخين رضي الله عنهما والقول بتفضيلهما على سائر الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.

 قال الإمام البخاري:

"3671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ»، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: «مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ»[3] "

وقد تمنى علي رضي الله عنه ان يلقى الله تعالى بعمل عمر رضي الله عنه.

 ففي الصحيحين: " 3685 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ، يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» [4]".

الشبهة:

يدّعي بعض الشيعة أن علي رضي الله عنه رفض فضل الصحابة الكبار، وأنه كان يسعى لتقليل مكانتهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

الرد:

 النصوص الصحيحة في كتب أهل السنة، بما فيها الصحيحين، تثبت أن علي رضي الله عنه أعطى الفضل والتقدير لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وأنه بدأ بمبايعة نفسه قبلهم عند التحكيم، مما يوضح احترامه وتقديره لهم، وهذا يدحض زعم التحريف.

__________________________________________________________________________________-

[1] إسناده ضعيف، سفيان بن وكيع ضعفه غير واحد قال الحافظ في " التقريب ": كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فَنُصِحَ فلم يقبل، فسقط حديثه " مسند الامام احمد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 1 ص 560

[2] مجمع الزوائد - أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي – ج 5 ص 185

[3] صحيح البخاري - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا - ج 5 ص 7.

[4] صحيح البخاري - بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ القُرَشِيِّ العَدَوِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – ج 5 ص 11، وصحيح مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - ج 4 ص 1858