في عالم التزييف والتحريف، تأتي بعض الروايات المنسوبة للرسول ﷺ على لسان الشيعة لتثير اللبس والشك في تعاليم الإسلام الصحيحة. فقد عمدت هذه الفرقة الضالة إلى وضع أحاديث باطلة وغير صحيحة لخدمة أهداف فكرية وسياسية، وتجاهلت الحقيقة التي نقلتها المصادر الموثوقة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما نسبوه عن الطيرة في المرأة والدار والدابة، وهو ما نفتّه الصحابية الجليلة عائشة رضي الله عنها، مؤكدة أن هذا الكلام كان معتقدًا جاهليًا لا أصل له في الإسلام. هذا المقال يسلط الضوء على هذه الروايات المكذوبة ويبين الحقيقة من خلال المصادر الموثوقة، مع الرد على الشبهات التي يثيرها محرفو الدين.

عن أبي حسان أن رجلين دخلا على عائشة وقالا أن أبا هريرة يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الطيرة في المرأة والدار والدابة فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض ثم قالت كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم من حدث عنه بهذا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول كان أهل الجاهلية يقولون الطيرة في المرأة والدار والدابة ثم قرأت عائشة ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها أن ذلك على الله يسير.

أولاً: جاءت رواية أوثق من هذه بصيغة فغضبت ولم يأتي بها إنها قالت كذب.

25168 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، أن رَجُلًا قَالَ لِعَائِشَةَ: أن أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الطِّيَرَةَ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ " فَغَضِبَتْ غَضَبًا شَدِيدًا، طَارَتْ شُقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ، وَشُقَّةٌ فِي الْأَرْضِ، فَقَالَتْ: إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ[1].

ويرد تخريجه هناك.

قال السندي:

قوله: فطارت شقة، بكسر فتشديد، أي: قطعة، وهذا مبالغة في الغضب والغيظ، يقال: قد انشق فلان من الغيظ: كأنه امتلأ باطنُه به حتى انشقّ، ولعل هذا الغضب ليس لتكذيب أبي هريرة فيما روى، بل لبيان أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله إخباراً عما كان الأمر عليه في الجاهلية، بمعنى أن الطيرة كانت في الجاهلية في هذه الأمور، فروى أبو هريرة على وجه يوهم أن هذا الأمر حق، وهذا خطأ منه في التأويل، فَغَضِبَتْ لذلك، والله تعالى أعلم.

مسند الإمام أحمد ط الرسالة ج 42 ص 88

ولو سلمنا إنها قالت كذب، فأهل المدينة يستعملون صيغة كذب على الخطأ: قال ابن حبان والحافظ «والحجازيون يطلقون الكذب على الخطأ» يقولون: كذبت أي أخطأت (الثقات 6/114 لابن حبان لسان الميزان1/208).

فالظاهر أن عائشة لم يبلغها إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك.. وغيره من الأحاديث

فلذلك هذا الحكم ليس على اطلاقه الشؤم ليس على اطلاقه: راجع الفتوى

http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=61432

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما عبارة الدنيا وجوه وعتبات فليست حديثا نبوياً، ولم نفهم المراد منها بدقة حتى نصوبه أو نخطأه، أما بشأن ما ورد من إمكان كون المرأة شؤما على الزوج، فقد ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. وفي رواية: أن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والسكن والمرأة.

وروى أبو داود عن سعد بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار.

قال الشيخ الألباني: صحيح.

قال في عون المعبود في شرح الحديث:

(وإن تكن الطيرة) أي صحيحة أو أن تقع وتوجد (في شيء) من الأشياء (ففي الفرس) أي الجموح (والمرأة) أي السليطة (والدار) أي فهي الدار الضيقة، والمعنى أن فرض وجودها تكون في هذه الثلاثة وتؤيده الرواية التالية، والمقصود منه نفي صحة الطيرة على وجه المبالغة، فهو من قبيل قوله لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، فلا ينافيه حينئذ عموم نفي الطيرة في هذا الحديث وغيره، وقيل: أن تكن بمنزلة الاستثناء أي لا تكون الطيرة إلا في هذه الثلاثة فيكون إخباراً عن غالب وقوعها، وهو لا ينافي ما وقع من النهي عنها. ثم قال: وعند البخاري عن ابن عمر أن رسول الله قال: لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاث في المرأة والدار والدابة.

قال في النهاية:

أي أن كان ما يكره ويخاف عاقبته ففي هذه الثلاثة، وتخصيصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوهما، قال: فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويطلق المرأة ويبيع الفرس. وقيل: أن شؤم الدار ضيقها وسوء جارها، وشؤم المرأة أن لا تلد، وشؤم الفرس إلا يغزى عليها. انتهى.

قال النووي:

 واختلف العلماء في هذا الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببا للضرر أو الهلاك وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى، ومعناه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة كما صرح به في رواية.

قال الخطابي وكثيرون:

هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة. انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر:

قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر: سمعت من فسر هذا الحديث بقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليها، وشؤم الدار جار السوء.

لكن ليعلم السائل أن الله أن جعل في شيء من هذه الأشياء المذكورة شؤما فهو بتقدير الله، وأنه بحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك.

أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.

والطيرة:

هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم (انظر القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2/559 ابن عثيمين).

ولذا نرى أن لا يفارق زوجته لهذا السبب، أما كونها لم تنجب فالإنجاب نعمة كبقية النعم يعطيها الله لمن يشاء من عباده، قال عز وجل: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى:49-50].

وليكثر من دعاء الله بالرزق بالذرية، وهذا لا يمنع أن يتخذ لذلك من السبل المشروعة ما يعينه على تحقيق مقصوده، كالعلاج الطبي أو الزواج بأخرى، لأن إيجاد النسل مقصد من مقاصد الزواج الرئيسية.

والله أعلم.

الشبهة:

بعض الروايات المنسوبة للشيعة تقول إن النبي ﷺ ذكر أن الطيرة موجودة في المرأة والدار والدابة، ويستدلون على صحة أحاديثهم بهذا.

الرد:

الصحابية الجليلة عائشة رضي الله عنها نفت هذه الرواية، وقالت إن النبي ﷺ كان يوضح أن ما كان في الجاهلية من الطيرة مجرد معتقد جاهلي، لا أصل له في الإسلام.

الحديث الصحيح المنقول عن النبي ﷺ ينفي الطيرة بشكل عام ويؤكد أن أي شؤم محتمل هو بتقدير الله، لا بسبب المرأة أو الدار أو الفرس بذاتها.

العلماء مثل الألباني والنووي وابن حجر أكدوا أن هذه الأمور ليست سبباً للطيرة أو الشؤم وأن كل ما ينسب للشؤم هو تقدير الله، وبالتالي الاعتماد على الروايات المكذوبة للشيعة خطأ وتزييف للعقيدة.

______________________________________________

[1] إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو حسان-وهو الأعرج- من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. بَهْز: هو ابنُ أَسَد العَمِّي، وهمَّام: هو ابنُ يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي.

وسيرد برقمي (26034) و (26088) ، وجاء قول عائشة فيهما مرفوعاً.