ثم أدخلني في اللحاف مع بعض نسائه فصرنا ثلاثة (قول الزبير)

تعمل الطائفة الشيعية – وهي فرقة ضالّة خارجة عن جماعة المسلمين – على بث روايات باطلة ومكذوبة للطعن في الصحابة وأهل بيت النبي ﷺ، وتوظيف الأحاديث الموضوعة لإثارة الشبهات بين المسلمين. ومن أكثر ما يلجأون إليه روايات ساقطة تخالف قواعد الإسناد ويشتهر رواتها بالكذب والوضع، ومع ذلك يقدّمونها للعامة على أنها “صحيحة”، في حين أن علماء الحديث من أهل السنة قد بيّنوا كذبها منذ القرون الأولى.

ومن الأمثلة البارزة على هذا التدليس رواية: «أدخلني النبي في اللحاف فصرنا ثلاثة» التي يعتمد عليها الشيعة للطعن في أم المؤمنين، أو للغمز في مقام النبي ﷺ، بينما هي رواية ساقطة الإسناد لا تساوي شيئًا في ميزان النقد الحديثي، وفيها كذّابان مشهوران.

في هذا المقال نعرض الرواية بأسانيدها، وبيان عللها، ونجيب على شبهة الاحتجاج بها، ونكشف كيف يقوم الشيعة بتدليس كلام العلماء – خاصة كلام الحافظ ابن حجر – لتمرير الرواية عند الجهّال.

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا إسحاق بن إدريس ثنا محمد بن حازم ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: «أرسلني رسول الله e في غداة باردة فأتيته وهو مع بعض نسائه في لحافه فأدخلني في اللحاف فصرنا ثلاثة».

قال الحاكم:

» هذا صحيح الإسناد« (المستدرك3/410 أو364). وجاراه الذهبي.

لعل الذهبي وهم في مماشاة الحاكم في التصحيح.

فيه محمد بن سنان:

 وهو كذاب كما قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (الجرح والتعديل7/279).

ورماه أبو داود وعبد الرحمن بن خراش بالكذب وأنه ليس بثقة» كل ذلك باعتراف الذهبي نفسه (أنظر المغني في الضعفاء2/589 وميزان الاعتدال3/575). ومقارب قول الحافظ فيه أنه ضعيف (تقريب التهذيب).

 قال الآجري:

«وسمعته يعني أبا داود يتكلم في محمد بن سنان يطلق فيه الكذب وقال أبن أبي حاتم كتب عنه أبي بالبصرة وكان مستورا في ذلك الوقت فأتيته أنا ببغداد وسألت عنه بن خراش فقال هو كذاب. روى حديث والان عن روح بن عبادة فذهب حديثه قال يعقوب بن شيبة قال لي علي بن المديني ما سمع هذا الحديث من روح بن عبادة غيري وغير سهل بن أبي خدويه وقال بن عقدة في أثره نظر سمعت عبد الرحمن بن يوسف يذكره فقال ليس عندي بثقة وقال الحاكم عن الدارقطني لا بأس به قال بن قانع وابن مخلد مات سنة إحدى وسبعين ومائتين قلت أن كان عمده من كذبه كونه ادعى سماع هذا الحديث من بن عبادة فهو جرح لين لعله استجاز روايته عنه بالوجادة».

والحافظ قد أتى بأمر محتمل لا يبطل به موقف هؤلاء العلماء من محمد بن سنان. فإن روايته عن ابن عبادة بالوجادة محتمل غير قطعي. وأما من وثقه فغير سديد، فإن الأصل تقديم الجرح إذا كان بين سبب تجريحه وسبب ذلك عندهم ادعاءه السماع من ابن عبادة.

أقول هذا لأن الرافضة قد عولوا على قول الحافظ ودلسوه على الناس وأوهموهم أن الحافظ يوثق ابن سنان. وهو من تدليسهم فإن الحافظ يصرح بأنه إذا كان سبب تكيبه كونه سمع من ابن عبادة فربما كان التحديث عن طريق الوجادة والوجادة جرحها قليل. لكن الحافظ نفسه لم يقطع في تحقق الرواية بالوجادة وإنما هو امر محتمل عنده. وتخفيف الجرح عنه من كذاب الى ضعيف بمقتضى هذا الاحتمال غير سديد منه.

على أن الحافظ انتهى في التقريب إلى تضعيف ابن سنان. وهذا ما يتجاهله الرافضة.

وفيه إسحاق بن إدريس هو الأسواري:

 وهو متهم بالوضع عند الذهبي وغيره (ميزان الاعتدال1/184 المغني في الضعفاء1/32). فكيف يكون صحيحا عند الذهبي؟

وكذلك تركه ابن المديني وقال النسائي: «متروك».

وقال الإمام البخاري: «تركه الناس». وقال ابن معين: «كذاب يضع الحديث».

وقال أبو زرعة: «واهي الحديث».

وقال ابن حبان: «كان يسرق الحديث». ولهذا حكم عليه الألباني بأنه »موضوع« (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة رقم2662).

 

الشبهة:

يستدلّ الشيعة برواية: «أدخلني النبي في اللحاف فصرنا ثلاثة» ويقدّمونها على أنها رواية صحيحة في المستدرك، وجاراها الذهبي، ويزعمون أنها دليل على تصرفات غير لائقة أو للطعن في أم المؤمنين أو الصحابة.

الــردّ العلمي المفصّل:

أولًا: الرواية ساقطة من جهة الإسناد

الإسناد يحتوي على راويين كذّابين:

محمد بن سنان القزاز

قال ابن أبي حاتم: كذاب.

قال عبد الرحمن بن خراش: ليس بثقة.

الذهبي نفسه قال عنه: كذاب (في الميزان).

الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف.

إسحاق بن إدريس الأسواري

قال ابن معين: كذاب يضع الحديث.

قال النسائي: متروك.

قال البخاري: تركه الناس.

قال ابن حبان: كان يسرق الحديث.

الألباني: موضوع.

إذا اجتمع كذاب ومتروك: سقط الحديث قطعًا ولا يُحتاج إلى مناقشة متنه.

ثانيًا: موافقة الذهبي للحاكم ليست توثيقًا

الذهبي معروف أنه:

يوافق الحاكم أحيانًا في المستدرك موافقة شكلية، ولا يقصد بها تصحيحًا دائمًا.

وقد خالف نفسه في كتبه الأخرى حين صرّح بكذب محمد بن سنان.

وجد الذهبي في السند كذابًا، فلا يُعقل أن يصحّح الحديث عمدًا، وبالتالي فموافقته هنا من أوهامه.

ثالثًا: تدليس الشيعة لكلام ابن حجر

يُشيع بعض الشيعة أن ابن حجر "وثّق" محمد بن سنان، وهذا كذب مفضوح؛ لأن:

ابن حجر قال: «ضعيف» (في التقريب).

أما احتماله لمسألة "الوجادة" فليس توثيقًا، بل مجرد احتمال ذكره دون جزم.

علماء النقد قدّموا الجرح المفصّل وهو ادعاء السماع من روح بن عبادة، وهو سبب كافٍ للحكم عليه بالكذب.

فالنتيجة: لا وجود لتوثيق ابن حجر، والقول بذلك تدليس شيعي.

رابعًا: حتى لو صح السند - وهو لا يصح - فلا شبهة في المتن

على فرض صحته ــ جدلًا ــ فالمتن لا يتضمن أي طعن:

الزبير ابن عمة النبي ﷺ.

دخل على النبي ﷺ في البرد، والنبي في لحاف مع زوجته، وهذا لا حرمة فيه.

الأمر مشابه لحديث إدخال النبي ﷺ لأسامة بن زيد والحسن والحسين معه في كسائه.

لكن الحديث لا يصح أصلًا، فلا حاجة للمناقشة إلا لبيان سقوط الشبهة.