تُعدّ قضيةُ الأحاديث المكذوبة والمنسوبة زورًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى آل بيته الأطهار واحدةً من أخطر القضايا التي واجهت التراث الإسلامي، خصوصًا حين تبنّت بعض الفرق المنحرفة -وفي مقدمتهم الشيعة الإمامية- منهجًا قائمًا على وضع الروايات الباطلة لخدمة عقائد فاسدة وتوجهات مذهبية متطرفة لا أصل لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله الصحيحة. لقد امتلأت كتب الشيعة -مثل بحار الأنوار، الكافي، مناقب آل أبي طالب، اللمعة البيضاء وغيرها- برواياتٍ تخالف العقل والنقل، بعضها فيه طعنٌ صريحٌ في مقام النبوة، وبعضها فيه مخالفات أخلاقية ومنكَرٌ لا يقبله مسلم يؤمن بقدسية بيت النبوة.

وتظهر خطورة هذه الظاهرة في اعتماد الشيعة على هذه الروايات المختلقة للطعن في الصحابة، أو بناء عقائد لا تمت للإسلام بصلة، ومنها ادعاء العصمة لغير الأنبياء، وتحريف النصوص لخدمة تصورات مذهبية. بينما نجد في المقابل أنّ منهج أهل السنة قائم على التوثيق، والتحقيق، وتمييز الصحيح من الضعيف، فلا تُقبل رواية إلا بسند ثابت وشروط دقيقة وضعها الأئمة لحماية الدين من الكذب والافتراء.

وهذا المقال يكشف من خلال نماذج واضحة كيف تتناقض مصادر الشيعة مع نفسها، وكيف تُثبت كتب الجرح والتعديل ضعفَ الرواة الذين اعتمدت عليهم الروايات المكذوبة، مثل عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وعمارة بن غراب وغيرهما ممن أجمع أئمة الحديث على ضعفهم. وفي المقابل، تُظهر كتب الشيعة من جهة أخرى روايات منكرة تمس النبي صلى الله عليه وسلم وتمس فاطمة رضي الله عنها، وتصور مشاهد غير لائقة، مما يفضح منهجهم في قبول أي رواية تخدم معتقدهم مهما خالفت الشرع والأخلاق.

هذا البحث ليس طعنًا لمجرد الطعن، بل بيان علمي موضوعي يهدف إلى كشف حقيقة هذه الفرقة الضالة التي خرجت عن منهج الإسلام الصحيح بقبولها للموضوعات والمكذوبات، وبتبنيها عقائد تخالف إجماع الأمة وما عليه أهل السنة والجماعة.

قال الإمام أبو داود:

" 236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غُرَابٍ قَالَ إِنَّ عَمَّةً لَهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ وَلَيْسَ لَهَا وَلِزَوْجِهَا إِلَّا فِرَاشٌ وَاحِدٌ قَالَتْ أُخْبِرُكِ بِمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فَمَضَى إِلَى مَسْجِدِهِ قَالَ أبو دَاوُد تَعْنِي مَسْجِدَ بَيْتِهِ فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي وَأَوْجَعَهُ الْبَرْدُ فَقَالَ ادْنِي مِنِّي فَقُلْتُ إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ وَإِنْ اكْشِفِي عَنْ فَخِذَيْكِ فَكَشَفْتُ فَخِذَيَّ فَوَضَعَ خَدَّهُ وَصَدْرَهُ عَلَى فَخِذِي وَحَنَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى دَفِئَ وَنَامَ"

سنن أبي داود – سليمان بن الاشعث السيجستاني – ج 1 ص 343

وهذه الرواية ضعيفة ولا تصح لوجود عدة علل فيها كما بين الإمام الألباني في كتابه ضعيف أبي داود.

حيث قال عن الرواية: " قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن زياد: هو ابن أنعم الإفريقي، ضعيف من قبل حفظه.

وشيخه عمارة بن غراب؛ قال أحمد: " ليس بشيء ".

وذكره ابن حبان في "الثقات"! وقال: "يُعْتبرُ حديثه من غير رواية الإفريقي عنه".

وعمة ابن غراب لم أعرفها! ولم يوردها الحافظ في " فصل بيان المبهمات من النسوة على ترتيب من روى عنهن رجالا ونساء "! فهي مجهولة"

ضعيف أبي داود – محمد ناصر الدين الألباني – ج 1 ص 114

قال الإمام النسائي:

" (361) عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الافريقي ضعيف"

الضعفاء والمتروكون – أحمد بن علي بن شعيب النسائي - ص 206

وقال الإمام ابن حبان:

 "عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم الإفْرِيقِي كنيته أبو خَالِد الشَّعْبَانِي الْمعَافِرِي من أهل مصر يروي عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي وَبكر بن سوَاده روى عَنهُ الثَّوْريّ مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة وَقد جاوز المائة كَانَ يَرْوِي الموضوعات عَن الثِّقَات وَيَأْتِي عَن الْأَثْبَات مَا لَيْسَ من أَحَادِيثهم وَكَانَ يُدَلس على مُحَمَّد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب أخبرنَا الهنداني قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ كَانَ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا يحدثان عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم سَمِعت مُحَمَّد بن مُحَمَّد وَيَقُول سَمِعت الدَّارِمِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ معِين عَن الإفْرِيقِي فَقَالَ ضَعِيف.."

المجروحين – أبو حاتم محمد بن حبان البستي – ج 2 ص 50

وقال الإمام ابن حجر:

"3862 - عبد الرحمن بن زياد بن أنعم بفتح أوله وسكون النون وضم المهملة الإفريقي قاضيها ضعيف في حفظه من السابعة مات سنة ست وخمسين وقيل بعدها وقيل جاز المائة ولم يصح وكان رجلا صالحا بخ د ت ق"

تقريب التهذيب - أحمد بن علي بن حجر - ج 1 ص 578

وأما عمارة بن غراب.

فقد قال الإمام ابن الجوزي: " 2435 عمارة بن غراب قال أحمد بن حنبل ليس بشيء"

 الضعفاء والمتروكون – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي - ج 2 ص 204

وقال الإمام الذهبي:

" 4409 - د / عمارة بن غراب شيخ لعبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال أحمد ليس بشيء"

المغني في الضعفاء – محمد بن أحمد الذهبي - ج 2 ص 461

وقال الإمام ابن حجر:

" 4857 - عمارة بن غراب بضم المعجمة اليحصبي بفتح التحتانية وسكون المهملة وفتح الصاد المهملة بعدها موحدة تابعي مجهول غلط من عده صحابيا بل هو من السادسة بخ"

 تقريب التهذيب - أحمد بن علي بن حجر - ج 1 ص 713

ولقد جاء في كتب الرافضة ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان لا ينام حتى يقبل ما بين ثدي فاطمة رضي الله عنها.

 قال ابن شهر اشوب:

"الباقر والصادق ( ع ): انه كان صلى الله عليه وآله لا ينام حتى يقبل عرض وجه فاطمة ويضع وجهه بين ثديي فاطمة ويدعو لها، وفي رواية: حتى يقبل عرض وجنة فاطمة أو بين ثدييها "

مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3 - ص 114، بحار الأنوار - المجلسي - ج 43  ص 42 – 43

وقال التبريزي في اللمعة البيضاء عن السيدة فاطمة رضي الله عنها:

"وهي ام الأئمة النقباء النجباء، وأنجب الورى من بين النساء، ساطعا عطر الجنة ورائحتها من بين ثدييها، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يمس وجهه لما بين ثدييها كل يوم وليلة يشمها ويلتذ من إستشمامها، ولذا كانت تسمى ريحانة نفس النبي (صلى الله عليه وآله) ومهجتها وبهجتها"

 اللمعة البيضاء -  محمد علي بن أحمد التبريزي - ص 235

وورد أيضًا في كتب الرافضة رواية الإمام المعصوم كيف كان النبي صلى الله عليه واله وسلم يغتسل مع احدى زوجاته، وبالتفصيل.

 قال محمد تقي المجلسي:

"روى الشيخ، في الصحيح، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله. بمد واغتسل بصاع ثمَّ قال اغتسل هو وزوجته بخمسة أمداد من إناء واحد: قال زرارة: فقلت كيف صنع هو؟ قال بدء هو فضرب بيده في الماء قبلها وأنقى فرجه، ثمَّ ضربت هي فأنقت فرجها، ثمَّ أفاض هو وأفاضت بيده في الماء قبلها وأنقى فرجه، ثمَّ ضربت هي فأنقت فرجها، ثمَّ أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا، فكان الذي اغتسل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أمداد، والذي اغتسلت به مدين، وإنما أجزأ عنهما لأنهما اشتركا جميعا ومن انفرد بالغسل وحده فلا بد له من صاع "

روضة المتقين – محمد تقي المجلسي - ج‏1 ص 79

وقال البحراني:

"ويدل عليه الأخبار المتضمنة لاغتساله (صلى الله عليه وآله) مع عائشة من إناء واحد، ومنها صحيحة زرارة  وفيها " فضرب بيده في الماء قبلها فأنقى فرجه، ثم ضربت هي فأنقت فرجها. ثم أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا"

 الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 446

الشبهة:

يروج الشيعة رواية من سنن أبي داود يزعمون فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع خده وصدره على فخذ عائشة وهي حائض، ويستخدمون مثل هذه الروايات للطعن في كتب أهل السنة أو للتشكيك في مكانة أم المؤمنين رضي الله عنها.

الرد العلمي:

الرواية ضعيفة بإجماع أهل الحديث

عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي: ضعيف باتفاق النسائي، وابن حجر، وابن حبان، والدارمي، وأحمد.

عمارة بن غراب: قال عنه أحمد "ليس بشيء"، وصرّح ابن حجر بأنه مجهول.

العمة: مجهولة لا يُعرف حالها.

الألباني نصّ صراحة على ضعف الرواية:

وبيّن علل الإسناد وأكد أنها لا تصح ولا يجوز نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم.

مفارقة خطيرة عند الشيعة:

فبينما يرفضون هذه الرواية الضعيفة، نجد في كتبهم أضعافها مما يخدش مقام النبوة، مثل:

روايات تقبيل النبي بين ثديي فاطمة!

وصفٌ فاحش لكيفية اغتساله مع زوجته بالتفصيل المخل!

مشاهد لا يقبلها عقل ولا دين، وكلها في مصادرهم المعتبرة.

نتيجة الشبهة:

الرواية عند أهل السنة مردودة لضعف سندها.

أما الشيعة فيروون ما هو أشد نكارة بلا سند صحيح، مما يُظهر تناقضهم عند الاحتجاج.