شبهة الريبة في حديث الإفك: قراءة علمية وردّ على الرافضة

تُعَدّ حادثة الإفك من أعظم الوقائع التي ابتُلي بها بيت النبوة، وقد أنزل الله فيها قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة، يُبرّئ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تبرئةً قاطعة لا تحتمل تأويلًا ولا شبهة.

ومع وضوح النص القرآني وصحة الأحاديث الواردة في القصة، لم تتوقف الفرقة الرافضية عن محاولة تشويه هذه الحادثة، إما بالطعن في مقام النبي ﷺ، أو بإيهام القارئ بوجود ريبة حقيقية مستقرة في قلبه، أو باتهام بعض الصحابة – وعلى رأسهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه – بما لم يقولوه ولم يقصدوه.

ويهدف هذا المقال إلى بيان السياق الصحيح لقول النبي ﷺ لعائشة: «إن كنت بريئة فسيبرئك الله…»، وشرح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبيان تهافت اعتراضات الرافضة، مع تأصيل المسألة تأصيلاً علميًا منضبطًا وفق منهج أهل السنة والجماعة.

نص الرواية:

«أن رسول الله e دعا علي بن أبى طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي، يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار عليه بالذي يعلم في نفسه من الود لهم، فقال أسامة: أهلك يا رسول الله ولا نعلم والله إلا خيرا، وأما على بن أبى طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك»

(رواه البخاري9/457).

وقد استنكر الرافضة قول ابن تيمية:

«وفي الصحيحين أنه قال لعائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قبل أن يعلم النبي براءتها وكان قد ارتاب في أمرها فقال يا عائشة أن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت الممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فان العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه.

(منهاج السنة 7/56)

قلت: لعل السبب في الريبة قول علي رضي الله عنه هذا القول. فإنه صدق الجارية على عائشة.

غير أن ابن تيمية قال أيضا:

«وقد تنازع الناس في النبي e هل كان يعلم براءة عائشة قبل نزول الوحي مع اتفاقهم على أنه لم يجزم بالريبة.

وقال آخرون: بل كان النبي e حصل له نوع شك وترجحت عنده براءتها، ولما نزل الوحي حصل اليقين. قالوا والدليل على ذلك أنه استشار في طلاقها عليا وأسامة. قال أسامة أهلك يا رسول الله ولا نعلم إلا خيرا. وقال علي لا يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك»

(تلخيص كتاب الاستغاثة أو الرد على البكري2/653)