رواية «ليست كنساء الآدميين»: دراسة حديثية وردّ على الغلو
ابتُليت السيرة النبوية وروايات الفضائل بدخول كثير من الأخبار الباطلة التي لم تثبت عن رسول الله ﷺ، وكان أكثر ما تسلل منها ما يخدم الغلو في الأشخاص ورفعهم فوق منازلهم الشرعية، حتى بلغ ببعض الفرق الضالّة حدّ اختراع فضائل لا أصل لها، ثم نسبتها زورًا إلى النبي ﷺ.
ومن هذا الباب ما يُروى في شأن فاطمة رضي الله عنها من رواية تزعم أنها خُلقت من ثمرةٍ من ثمار الجنة، وأنها ليست كسائر نساء البشر، وهي رواية اشتهرت في كتب المتأخرين، وتلقفها أهل الغلو للطعن في منهج أهل السنة، وبناء تصورات عقدية فاسدة عن آل البيت.
ويهدف هذا المقال إلى عرض هذه الرواية، وبيان بطلان إسنادها، وكشف عللها الحديثية، وبيان المنهج الصحيح في إثبات الفضائل دون إفراط ولا تفريط.
نص الرواية:
حدثنا عبد الله بن سعيد بن يحيى الرقي ثنا أحمد بن أبي شيبة الرهاوي ثنا أبو قتادة الحراني ثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كنت أرى رسول الله يقبل فاطمة فقلت: « يا رسول الله إني أراك تفعل شيئا ما كنت أراك تفعله من قبل فقال لي يا حميراء أنه لما كان ليلة أسري بي إلى السماء أدخلت الجنة فوقفت على شجرة من شجر الجنة لم أر في الجنة شجرة هي أحسن منها حسنا ولا أبيض منها ورقة ولا أطيب منها ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي فلما هبطت الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا أنا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت ريح فاطمة يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتل كما يعتلون»
رواه الطبراني في (المعجم الكبير22/400 مجمع الزوائد9/202).
إسناده باطل.
فيه عبد الله بن واقد الحراني أبو قتادة.
قال البخاري: «تركوه منكر الحديث» (التاريخ الكبير5/219).
وقال الحافظ في التقريب: «متروك وكان أحمد يثني عليه وقال لعله كبر واختلط وكان يدلس» (1/328).