هل تعلم الرجل الذي لم تسم عائشة هو علي
يُثير أتباع الفرقة الضالة من الرافضة شبهة متكررة حول حديث مرض النبي ﷺ وخروجه متكئًا على رجلين، زاعمين أن عائشة رضي الله عنها تعمّدت عدم تسمية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بدافع البغض أو الجفاء. ويُقدَّم هذا الادعاء على أنه دليل طعن في أم المؤمنين، مع تحميل الحديث ما لا يحتمل من دلالات نفسية ومذهبية.
ويأتي هذا المقال ليفنّد هذه الشبهة تفنيدًا علميًا، من خلال جمع الروايات الواردة في الصحيح، وبيان اختلاف ألفاظها، وشرح كلام أهل العلم في سبب عدم التسمية، مع إظهار التناقض المنهجي عند الرافضة في قبولهم لهجرٍ ورفضهم لآخر، وبيان أن هذه الدعوى لا تثبت لا سندًا ولا معنى، ولا تنسجم مع مرويات عائشة نفسها في فضل علي رضي الله عنه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
«لما ثقل رسول الله e واشتد وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين عباس وآخر. فأخبرت ابن عباس، قال: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قلت: لا. قال هو علي» (البخاري5275).
زاد الإسماعيلي من رواية عبد الرزاق عن معمر «ولكن عائشة لا تطيب نفسا له بخير. ولابن إسحاق في المغازي عن الزهري «ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير».
ولم أقف على أسانيد هاتين الروايتين. ولكن لنفرض أنها كانت كذلك حقا. فيكون هذا هجرا شبيها بالهجر الذي ادعيتموه في فاطمة لأبي بكر.
وعلى فرض صحة الحديث فغاية ما كان من عائشة في حق علي حين قال لرسول الله عندما استشاره في عائشة في شأن حاثة الإفك «لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك». فلربما وجدت في نفسها على علي كما وجدت فاطمة في نفسها على أبي بكر في شأن أرض فدك.
أنتم معشر الشيعة رضيتم من فاطمة هجرها لأبي بكر حتى ماتت مع أن الهجر محرم في الاسلام فيما زاد على ثلاثة أيام، فلماذا تنكرون على عائشة إذا وجدت في نفسها في حق علي حيث جعل الحق على لسان الجارية دونها. فلم الكيل بمكيالين!.
ولكن الحق أن هذا لم يكن السبب في عدم تسمية عائشة لعلي، فإنه يكفينا أن نعلم أن حديث «اللهم هؤلاء أهل بيتي» والذي بنى عليه الشيعة مذهبهم جاء من رواية عائشة. وإنما السبب ورود اختلاف حول تحديد الرجل الآخر الذي كان مع العباس. واختلفت الروايات حتى حملها أهل العلم على أنهم عدة صحابة كانوا يتعاقبون على حمل النبي e وكان منهم علي رضي الله عنه.