أكذوبة «نصطاد بعض الشباب» وسقوط الرواية سندًا

تعمد الفرقة الضالة من الرافضة إلى تتبّع الروايات الواهية والآثار الساقطة لتشويه صورة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، اعتمادًا على أخبار لا تثبت عند أهل العلم، ولا تصح وفق ميزان الجرح والتعديل. ومن أشهر هذه الأكاذيب رواية نُسبت إلى عائشة رضي الله عنها بلفظ: «لعلنا نصطاد بها شباب قريش»، وهي رواية يكثر تداولها في مواقعهم ومنتدياتهم دون أدنى التزام بالمنهج العلمي.

ويهدف هذا المقال إلى تفكيك هذه الشبهة، وبيان بطلان الرواية من جهة الإسناد، وفضح عللها القادحة، مع الالتزام بالنقل الأمين عن أئمة النقد الحديثي.

نص الرواية محل الطعن:

الرواية الأولى:

جاء في المصنف لابن أبي شيبة الكوفي (235هـ)، الجزء الثالث، صفحة 461:

«حدثنا أبو بكر قال: نا وكيع، عن العلاء بن عبد الكريم اليامي، عن عمار بن عمران، رجل من زيد الله، عن امرأة منهم، عن عائشة: أنها شوَّفت جارية وطافت بها، وقالت: لعلنا نصطاد بها شباب قريش».

الرواية الثانية:

وجاء في المصنف أيضًا، الجزء الخامس، صفحة 281:

«حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا العلاء بن عبد الكريم، عن عمار بن عمران، رجل من زيد الله، عن امرأة منهم، عن عائشة: أنها شوَّفت جارية وطافت بها، وقالت: لعلنا نصيب بها بعض شباب قريش».

حال الراوي عمار بن عمران:

أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه:

ميزان الاعتدال الذهبي (ج3 ص166):

«عمار بن عمران الجعفي عن سويد بن غفلة لا يصح حديثه، ذكره البخاري في الضعفاء».

لسان الميزان ابن حجر (ج4 ص272):

«عمار بن عمران الجعفي لا يصح حديثه، ذكره في الضعفاء».

وهذا نصٌّ صريح من إمامين كبيرين في تضعيف الرجل، والحكم بعدم صحة حديثه.

 

علل الرواية وسقوطها العلمي:

العلة الأولى: الجهالة

في سند الرواية:

«عن امرأة منهم» وهي امرأة مجهولة عينًا وحالًا، ورواية المجهول مردودة باتفاق أهل الحديث.

العلة الثانية: ضعف عمار بن عمران

عمار بن عمران ضعيف الحديث، لا يُحتج به، وقد نصّ الأئمة على أن حديثه لا يصح، كما سبق نقله عن الذهبي وابن حجر.

العلة الثالثة: التوظيف الطاعن المتعمد

لم يرد عمار بن عمران في مصنف ابن أبي شيبة إلا في ثلاث روايات فقط،
اثنتان منهما للطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها،
وهو ما يكشف بوضوح عن توظيف هذه الروايات في سياق طاعن لا علمي.

النتيجة العلمية:

بناءً على ما سبق، فإن هذه الرواية ساقطة الإسناد، لا تصح بحال، ولا يجوز نسبتها إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومن يحتج بها إنما يحتج بالباطل، ويخالف منهج أهل العلم، ويقع في الطعن المحرَّم في عرض نبي الله ﷺ.