من الشبهات التي تروج لها كتب الشيعة للطعن في مقام الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، زعمهم أن النبي ﷺ رفض تزويجهما ابنته فاطمة الزهراء؛ لأنهما ليسا على دينٍ يُرضى، مستدلين بقول النبي ﷺ: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه»، وقوله لفاطمة لما خطباها: «إنها صغيرة».

وقد ورد هذا الحديث كما في «صحيح ابن حبان» عن بريدة، وفيه: «خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال النبي ﷺ: إنها صغيرة، ثم خطبها علي فزوّجها منه». وصحح الحديث العلامة الألباني في «المشكاة» و«التعليقات الحسان».

  • الأكثر قراءه في السقيفة:

الرد على مزاعم الشيعة حول حديث الأئمة الاثني عشر

حقيقة مقولة "لولا علي لهلك عمر"

مزاعم أسر شهربانو في زمن علي بن أبي طالب

أولًا: هذا الحديث يُثبت فضل أبي بكر وعمر، لا العكس

فالحديث يشير بوضوح إلى أن أبا بكر وعمر تقدّما لخطبة فاطمة قبل علي، وهذا يدل على حرصهما على الارتباط بالنبي ﷺ، وأنهما كانا يسبقان الناس إلى الخيرات والمكرمات، ولا شك أن السعي لمصاهرة رسول الله ﷺ من أعظم الفضائل. وهذا في ذاته منقبة لهما، وليس مطعنًا كما يروج المغرضون.

ثانيًا: النص النبوي واضح لا يحتمل التأويلات الباطلة

النبي ﷺ ردّ على الخاطبين بقوله: «إنها صغيرة»، وهذا تعليل صريح، يتعلّق بعمر فاطمة رضي الله عنها، وليس له علاقة بدين أو خلق أبي بكر وعمر، ولا فيه أي إشارة إلى عيبٍ فيهما. فمن أضاف تعليلًا آخر فقد اتهم النبي ﷺ بكتمان الحق، أو قصر في البيان، وهذا مما لا يقول به مؤمن.

ثالثًا: ليس من الواجب قبول كل خاطب حتى لو كان صالحًا

لم يُلزِم النبي ﷺ أحدًا بقبول الزواج ممن يتقدم، وإن كان صاحب خلق ودين، وقد رُوي في «الكافي» أحد أهم كتب الشيعة أن النبي ﷺ خطب أم هانئ بنت أبي طالب، فاعتذرت بقولها: «يا رسول الله، إني مصابةٌ في حجري أيتامٌ»، فقبل النبي ﷺ عذرها. فهل يطعن الشيعة في دين أم هانئ لأنها رفضت خطبة النبي؟!

رابعًا: رفض الخطبة بدعوى الصغر لا يعني الطعن في الخاطب

حين يُرفض الزواج لسبب معين، فإن ذكر سبب واحد دون غيره يُعدّ شهادة ضمنية بسلامة بقية الصفات. فعلي رضي الله عنه قال لعمر لما خطب ابنته أم كلثوم: «إنها صغيرة»، فلما زال هذا المانع، زوّجه إياها، كما ورد في «أعيان الشيعة» و«الرسائل» للمرتضى.

فلو كان ثمة طعن في عمر أو في دينه، لما زوّجه عليٌّ ابنته بعد ذلك.

خامسًا: زواج فاطمة من علي لا ينقص من قدر أبي بكر وعمر

لو كان الزواج بابًا للفضل، فليس أعظم من زواج عثمان بابنتي رسول الله ﷺ الواحدة تلو الأخرى، حتى لُقب بـ«ذو النورين». وكما لا يطعن في من لم يتزوج من النبي، لا يجوز الطعن في من لم يتزوج من ابنته، بل الأولى بالطعن بحسب هذا المنطق الأعوج أمهات المؤمنين أنفسهن، وهذا ما يفعله الشيعة أصلًا حين يطعنون في أزواج النبي.

سادسًا: أبو بكر وعمر كانا سببًا في زواج علي من فاطمة

روى الطوسي من كبار علماء الشيعة أن أبا بكر وعمر هما من نصحا عليًا بخطبة فاطمة. ففي «الأمالي» و«بشارة المصطفى» عن علي عليه السلام: «أتاني أبو بكر وعمر، وقالا: لو أتيت رسول الله فذكرت له فاطمة، فذهبت، ولما رآني النبي ﷺ ضحك».

وهذا ينسف أصل الشبهة، إذ كيف يُنكران عليه الزواج منها وهما من شجّعاه على طلبه؟!

سابعًا: علي نفسه نهى عن تزويج الحسن لأنه "رجل مطلاق"

جاء في «الكافي» عن علي رضي الله عنه قوله على المنبر:

 «لا تزوجوا الحسن، فإنه رجل مطلاق». واعتبر المجلسي والبحراني هذه الرواية «موثقة»، فهل يطعن الشيعة في الحسن لأنه نُهي عن تزويجه؟!

إن كانوا يعقلون فلا، وإن كانوا يحتجون بزواج لم يتم، فهذا إقرار بالهوى.

خاتمة:

إن هذه الشبهة ليست إلا حلقة من حلقات الطعن في خيار الأمة وصحابة رسول الله ﷺ، لكنها سرعان ما تتهاوى أمام النصوص الصريحة والعقل السليم. والحديث الصحيح، كما رأينا، لا يدل على عيب في دين أبي بكر وعمر، بل يثبت فضلهما ومبادرتهما. ثم إن مصاهرة النبي ﷺ ليست هي المقياس الوحيد في الفضل، وإن زواج علي من فاطمة لم يكن على حساب إيمان أو فضل غيره، بل بتقدير الله وتوفيقه، وبدفع من صاحبي النبي الذين أحبوه حبًا عظيمًا، وخدموه وناصروا دينه حتى لقوه على التوحيد والسُّنّة، رضي الله عنهم جميعًا.

المصدر: موقع السقيفة