نص الشبهة:
يُعدّ مفهوم "الإمامة" أحد أبرز الأركان في العقيدة الشيعية، بل هو الركن الأهم بعد النبوة، كما صرّحت بذلك كتبهم المعتبرة. غير أن الباحث المنصف إذا عاد إلى القرآن الكريم -الذي هو أصل التشريع- لا يجد فيه اسم علي بن أبي طالب، ولا أحد من الأئمة الاثني عشر، لا تصريحًا ولا تلميحًا قاطعًا.
بل إن بعض علماء الشيعة أنفسهم يعترفون بهذه الحقيقة، كما ورد في جواب الإمام جعفر الصادق على سؤال أبي بصير حين سأله:
"إن الناس يقولون: لِمَ لَمْ يُسَمّ علي وأهل بيته في كتاب الله؟"
اخترنا لكم أهم مقالات السقيفة:
تحريف الشيعة لمعاني القرآن بتأويلات باطنية تخدم عقيدة الولاية
القول بتحريف القرآن عند الشيعة الإمامية
طعن الشيعة في السنة النبوية وموقفهم من الصحابة
فقال:
"قولوا لهم: إن الله أنزل الصلاة، ولم يُسم ثلاثًا ولا أربعًا، حتى فسرها رسول الله، وكذلك الزكاة، والحج، والإمامة" (انظر: أصول الكافي 1 /286، باب فرض طاعة الأئمة).
فكيف يُبنى ركن من أركان الدين لا يوجد عليه نص قرآني صريح، في الوقت الذي يؤكد فيه القرآن أنه "تبيان لكل شيء".
كما في قوله تعالى:
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: 89].
بل إن القرآن ذكر المحيض وأذاه، كما في:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة: 222]،
بينما لم يذكر -وفقًا لهذا الطرح- أعظم أصل بعد التوحيد والنبوة، وهو الإمامة.
الاتجاه الثالث في إثبات الإمامة قرآنيًا: التحليل والنقد
يُعدّ هذا الاتجاه الأكثر اعتدالًا من بين ثلاثة اتجاهات اعتمدها علماء الشيعة في تأصيل عقيدة الإمامة في القرآن. ويقوم هذا الاتجاه على القول بنزول بعض الآيات في فضائل الإمام علي رضي الله عنه، وبيان ولايته، لكن تأويلاً لا تصريحاً.
أبرز الآيات التي يستدل بها هذا الاتجاه:
آية إكمال الدين
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: 3]
يزعم الشيعة أنها نزلت يوم الغدير، في إعلان ولاية علي.
آية الولاية
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [المائدة: 55]
ويقولون إن المقصود بـ"الذين آمنوا" هو علي، حين تصدّق بخاتمه وهو راكع.
آية التبليغ
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: 67]
يُفسّرها الشيعة بأنها أمر للنبي بإعلان ولاية علي.
آية التطهير
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ﴾ [الأحزاب: 33]
ويُدخل الشيعة الأئمة الاثني عشر ضمن "أهل البيت".
تحليل النقد:
رغم ضخامة هذا البناء التأويلي، فإن هذه الآيات لا تتضمن اسم علي بن أبي طالب أو الأئمة صراحة، بل تعتمد في تفسيرها على:
• روايات أحادية، أغلبها مرسل أو ضعيف السند عند جمهور المحدثين.
• أو تأويلات باطنية لا تدل على الإمامة بالمعنى السياسي أو العقدي المطروح.
مثلاً:
• آية "إكمال الدين" نزلت بعد انتهاء أحكام الحج، كما جاء في صحيح البخاري (حديث 45، كتاب الحج).
• آية "الولاية" عامة، ولا دليل حاسم على أنها نزلت في علي، حتى أن جمهور المفسرين لم يخصوها به.
• آية "التطهير" تشمل زوجات النبي بقرينة السياق، كما أشار ابن كثير والطبري.
اعتمادهم على الروايات:
نظرًا لغياب الاسم الصريح في الآيات، اضطر علماء الشيعة إلى الاستدلال بالسنة والروايات، ومنها ما يُروى عن النبي ﷺ أو الأئمة بأن الآيات المقصودة نزلت في علي أو ذريته.
غير أن كثيرًا من هذه الروايات:
• إما موضوعة لا تثبت سندًا ولا متناً.
• أو صحيحة السند لكنها لا تتضمن دلالة صريحة على الإمامة.
كما في مثال آية "الولاية"، فإن حادثة تصدّق علي بخاتمه أثناء الركوع رواها الطبراني والواقدي، وهما مطعون فيهما عند كبار أهل الحديث.
خلاصة الباب:
اتضح لنا من خلال هذا الاتجاه الثالث، أنه لا توجد آية واحدة في القرآن تدل صراحة على عقيدة الإمامة ولا على علي بن أبي طالب بالاسم، رغم أن هذه العقيدة تُعدّ عند الشيعة أصلاً من أصول الدين.
ولذلك، نؤكد ما يلي:
1- لو كانت الإمامة بهذه المكانة، لوجب أن يُنص عليها في القرآن صراحةً، كما نُص على التوحيد والنبوة والمعاد.
2- الآيات المستدل بها لا تفي بالغرض، لكونها عامة أو مؤولة أو خارجة عن سياق الإمامة العقدية.
3- الاعتماد على السنة وحدها في إثبات أصل ديني هو موضع إشكال، خاصة في ظل الخلاف في الروايات والتأويلات.
أهم المصادر المستخدمة:
• القرآن الكريم
• أصول الكافي – الكليني
• البرهان في تفسير القرآن – البحراني
• تأويل الآيات الظاهرة – شرف الدين
• تفسير القمي
• تفسير العياشي
• صحيح البخاري
• تفسير الطبري
• تفسير ابن كثير
• بحار الأنوار – المجلسي
هل من جواب شيعي معاصر؟
بعض علماء الشيعة المعاصرين، مثل السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد جواد مغنية، يُقرون بعدم وجود آية صريحة في القرآن عن الإمامة، ويرون أن:
• القرآن وضع الأصول العامة (كالعدل والشورى والطاعة).
• أما تفصيل القيادة بعد النبي ﷺ، فقد فُوض إلى السنة، كحديث الغدير وحديث الثقلين.
وهذا تأكيد ضمني على عدم وجود دليل قرآني قاطع يثبت الإمامة بمعناها الخاص المعروف عند الإمامية الاثني عشرية.
المصدر: موقع السقيفة
https://alsaqifh.com