أبرز الانحرافات العقدية التي وقع فيها الشيعة الإمامية
من أبرز الانحرافات العقدية التي وقع فيها الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، ذلك الاتجاه الذي يُصرّ على تفسير أكثر آيات القرآن الكريم تفسيرًا باطنيًا يخدم عقيدة الولاية، ويُصور القرآن وكأنه نزل بالكامل لبيان فضل أهل البيت أو هجاء مخالفيهم من الصحابة والتابعين، أو لتأكيد إمامتهم وولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن جاء بعده من الأئمة.
وقد اتخذ هذا الاتجاه طابعًا منهجيًا في التفاسير الشيعية، حتى إنك لا تكاد تجد آية إلا ويجتهد أصحاب هذا الاتجاه في لَيّ معناها وصرفها عن ظاهرها، وربطها بأهل البيت رضوان الله عليهم، سواءً بمدحهم أو ببيان ولايتهم أو إمامتهم، أو بربطها بذم من خالفهم أو لم يُقر بولايتهم، حتى لو كانوا من خيار الصحابة.
ولم يكن هذا الاتجاه مجرد اجتهاد فكري، بل اعتمد في تثبيت رؤيته على وضع الأحاديث ونسبتها زورًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الأئمة من آل البيت. ومن اللافت أن هذا الاتجاه شمل تأويل أول آيات القرآن وآخره، بدءًا من البسملة وانتهاءً بسورتي الفلق والناس، بل وصلت المبالغة إلى تأويل الحروف المنفصلة ذاتها.
تحريف الشيعة لآيات القرآن الكريم:
ففي رواية نسبت إلى الإمام جعفر الصادق، وهي مما يتداولونه في تفاسيرهم، يُفسر "بسم الله الرحمن الرحيم" على هذا النحو العجيب:
"الباء: بهاء الله، والسين: سناء الله، والميم: ملك الله".
وعندما سئل عن "الله"، قال:
"الألف: آلاء الله على خلقه، والنعم بولايتنا، واللام: إلزام خلقه بولايتنا، والهاء: هوان لمن خالف محمداً وآل محمد".
ثم يأتي التأويل الباطني لـ "الرحمن" على أنه شامل لجميع الخلق، و"الرحيم" بالمؤمنين، وهم في نظرهم: شيعة آل محمد فقط.
أما في نهاية المصحف الشريف، فهناك روايات نسبت إلى الأئمة تزعم أن المعوذتين نزلتا بعد أن سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من استُؤمن لاستخراج السحر هو الإمام علي رضي الله عنه دون غيره، بزعم أن النبي لم يجد أحدًا أوثق منه ولا أعظم منه شأنًا، فبعثه لاستخراج السحر من بئر معينة. وهذه الرواية وردت في بعض كتبهم لتأكيد تميز علي رضي الله عنه عن سائر الصحابة، حتى في مواقف لا علاقة لها بالإمامة.
هذه النماذج التي ذكرناها ما هي إلا غيض من فيض مما تكتظ به تفاسير الشيعة الإمامية، لا سيما تلك التي اختصت ببيان تأويلات الآيات وفق هذا المسار، ومنها كتاب "تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة"، الذي طُبع في مجلدين ويقع في نحو تسعمائة صفحة، ويعد نموذجًا واضحًا لهذا الاتجاه التأويلي الخطير، حيث تم فيه استحضار كل آية ممكنة، وتأويلها بشكل يخدم غرضًا طائفيًا محضًا، بعيدًا عن قواعد التفسير المتفق عليها في علم أصول التفسير وعلوم القرآن.
وما يزيد الأمر خطورة أن هذه التأويلات لم تقتصر على كتب مغمورة أو آراء شاذة، بل انتشرت في كتب التفاسير المعتمدة لديهم، وتلقفها العوام دون تمحيص، مما أدى إلى ترسيخ مفهوم مغلوط حول وظيفة القرآن الكريم، وتحويله من مصدر للهداية العامة إلى مستند خاص لمعتقدات فئوية تخدم مشروع الولاية والغلو في أهل البيت.
ومن هنا نرى أن هذا الاتجاه يُعد تحريفًا معنويًا ممنهجًا للقرآن الكريم، لا يقل خطرًا عن القول بالتحريف اللفظي، بل لعله أخطر في بعض جوانبه، كونه يستند إلى نصوص باطنية يُزعم أنها من كلام المعصومين، وهي في حقيقتها أحاديث موضوعة موغلة في الغلو والمبالغة، ومنكرة في ميزان الحديث والعقل.
خلاصة:
اتخذ بعض شيوخ الشيعة مسارًا باطنيًا في تفسير القرآن، بحيث جعلوا أغلب آياته تصب في تمجيد آل البيت أو ذم مخالفيهم، ووظفوا في ذلك روايات مكذوبة نُسبت زورًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة، مما شوه المعنى الحقيقي للآيات، وأخرج التفسير عن إطار العلم والضوابط، إلى باب الهوى والطائفية.