من المعلوم أن العبادات في الإسلام تضبطها النصوص الشرعية الصحيحة، وتُربَط بالتكليف الرباني بعيدًا عن الغلو أو المغالاة، وقد جاء الإسلام لقطع دابر الأساطير والخرافات، لا لترسيخها. ومن أبرز الأمثلة على الغلو الشيعي المرفوض ما جاء في كتاب "كامل الزيارات" (ص174 - 175) المنسوب لابن قولويه القمي، من رواية حول فضل زيارة الحسين رضي الله عنه يوم عاشوراء.

نص الشبهة:

يقول الرافضة في فضل زيارة عاشوراء ما نصه:

«عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكياً، لقيَ اللهَ تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف [ألف] حجة، وألفي ألف عمرة، وألفي ألف غزوة، وثواب كل حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله ﷺ ومع الأئمة الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين!».

من رواها؟

الرواية تتسلسل عن:

محمد بن موسى الهمداني: من الغلاة الكذابين.

سيف بن عميرة: من الواقفية المطعون فيهم.

صالح بن عقبة: متهم بالكذب.

مالك الجهني.

وهذه السلسلة مليئة بالرواة المجروحين، ولا تصلح للاحتجاج، بل لا يرويها عاقل يؤمن بمنهج نقد الحديث.

 

❖ الرد على الشبهة:

⟪ أولًا: هل يعقل هذا الثواب؟! ⟫

كيف يكون ثواب زيارة شخص - بل مجرد قراءة زيارة - في يوم محدد يعادل:

مليوني حجّة؟!

مليوني عمرة؟!

مليوني غزوة مع النبي ﷺ؟!

هل يجوز أن يُفضَّل هذا الفعل الفردي - بل يُمكن فعله عن بعد أيضًا - على عمل الأنبياء والرسل؟! إن هذا من أعظم أنواع الغلو في الدين، وقد نهى الله عز وجل عن الغلو فقال:

﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ [ٱلنِّسَآءِ: 171]

 

ثانيًا: مقارنة مع فعل النبي ﷺ والأئمة أنفسهم

النبي محمد ﷺ لم يحجّ في عمره سوى حجة واحدة فقط.

الإمام علي رضي الله عنه لم يثبت أنه حجَّ أكثر من مرات معدودة.

بقية الأئمة كذلك لم يبلغوا هذه الأعداد الخرافية من العبادات.

فهل يُعقل أن شخصًا يقرأ زيارة مكتوبة يفوقهم أجرًا؟!

 

ثالثًا: المعنى الضمني الخطر

هذه الروايات تهدف إلى أمرين خطيرين:

1-تشويه الإسلام في أعين العقلاء والمنصفين، بإظهاره دينًا قائمًا على الأوهام.

2-صرف الناس عن جوهر الدينمن صلاة وصيام وعبادات صحيحة، إلى طقوس لا أصل لها.

وقد بيّن النبي ﷺ أن من علامات الكذب على الله ورسوله ما يروَّج من أحاديث الغلو، فقال:

«من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» رواه البخاري ومسلم.