الشبهة:

يقول أحد علماء الشيعة كما ورد في كتابه "تحفة الطالب بمعرفة من ينتسب إلى عبد الله وآل أبي طالب" ص54:

"الإمام محمد المهدي: وأما ولده محمد المهدي بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فهو الثاني عشر من الأئمة. ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وكنيته أبو القاسم، وألقابه: الحجة، والخلف الصالح، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي. وصفته شاب، رَبعة، حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف، أجلى الجبهة. والشيعة يقولون إنه دخل السرداب."

 

الجواب على الشبهة:

أولًا: غياب التواتر المزعوم في كتب أهل السنة

الادعاء بأن ولادة المهدي قد وردت "بتواتر" في كتب أهل السنة باطل، إذ إنّه لم يُثبت ذلك من خلال الصحاح والسنن المعتمدة عند جمهور أهل السنة والجماعة، بل اعتمد بعض الرافضة على كتب التاريخ المتأخرة التي تخلو من الإسناد أو التي لم تُصنّف في الأصل كمراجع عقائدية.

كتاب "تحفة الطالب" الذي يستشهد به الرافضة لا يُعد من كتب أهل السنة المعتمدة في العقيدة، بل هو كتاب أنساب وليس مصنفاً في الحديث أو العقيدة، ولم يُعرف عن مؤلفه أنه من علماء الحديث المتخصصين بعلوم الإسناد والجرح والتعديل. فكيف يُستشهد به في إثبات أصل من أصول المذهب الإمامي الاثني عشري؟

ثانيًا: فرق بين مهدي أهل السنة ومهدي الشيعة

من المعلوم والمجمع عليه عند أهل السنة أن المهدي المنتظر اسمه: "محمد بن عبد الله"، من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنهما، وليس من ذرية الحسين، وهو ما ورد في عدد من الأحاديث الصحيحة، ومن ذلك:

قال رسول الله ﷺ:

((يَلِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي)) رواه الترمذي، كتاب الفتن، وقال: "حديث حسن صحيح".

📚 المصدر: سنن الترمذي – حديث رقم 2230

وهذا الحديث يدل على أن المهدي اسمه "محمد"، واسم أبيه "عبد الله"، بينما تزعم الشيعة أن اسمه "محمد بن الحسن"، وهو ما يخالف ما ورد في كتب الحديث الصحيحة.

وفي سنن أبي داود – كتاب المهدي – عن علي رضي الله عنه:

 ((إن ابني هذا سيد، كما سماه النبي ﷺ، وسيخرج من صلبه رجل يُسمى باسم نبيكم، يُشبهه في الخُلق، ولا يُشبهه في الخَلق، ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلاً... ))

📚 المصدر: سنن أبي داود – حديث رقم 4290

وهذا الحديث يؤكد أن المهدي من ذرية الحسن لا الحسين، بينما الشيعة يُصرون على أنه من نسل الحسين بن علي.

 

ثالثًا: عدم صحة الإعتماد على كتب التاريخ في إثبات العقائد

العقيدة لا تُبنى على أقوال المؤرخين، بل على النصوص الصحيحة الثابتة عن المعصوم ﷺ، لذا فإنّ الاحتجاج بكتب الأنساب والتاريخ التي لا تملك إسنادًا متصلًا أو موثوقًا لا قيمة له في ميزان العقيدة عند أهل السنة والجماعة.

قال الإمام مالك رحمه الله:

"لا يؤخذ الدين عن كل أحد"

وكتب التاريخ – خصوصًا المتأخرة منها – لا تخلو من الإسرائيليات والخرافات، بل غالبًا ما تُدوّن فيها الأقوال بدون تمحيص أو توثيق.

 

رابعًا: قصة السرداب وخرافة الغَيبة

من أبرز ما يتمسّك به الشيعة هو أن المهدي دخل السرداب في سامراء، منذ القرن الثالث الهجري، ولم يخرج حتى اليوم، ويزعمون أنه "غائب" منذ أكثر من ألف ومئتي عام، وهو أمر لا يقبله العقل، ولا أقرّه النقل.

والسؤال المنطقي:

كيف يُجعل أصلٌ في الدين قائماً على رجل غائب لا يُعرف له أثر؟ وأي عقل سليم يُسلّم بهذه الفكرة الخرافية التي تتناقض مع سنة الله في عباده؟

قال تعالى:﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الزمر: 9]

فهل يستوي من ثبتت ولادته وصفته بالأحاديث النبوية، مع من لا توجد له ولادة ثابتة، ولا رواية صحيحة في صحاح الحديث؟

 

خلاصة القول:

1- مهدي أهل السنة اسمه محمد بن عبد الله، من ذرية الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان، ويملأ الأرض عدلاً.

2- لا توجد رواية صحيحة واحدة في كتب الحديث المعتمدة عند أهل السنة تثبت ولادة المهدي محمد بن الحسن العسكري.

3- كتاب "تحفة الطالب" ليس من كتب الحديث أو العقيدة المعتمدة، وهو كتاب أنساب لا يُحتج به في الأصول.

4- عقيدة أهل السنة في المهدي مبنية على أحاديث صحيحة متواترة، وليست خرافات سردابية أو روايات بلا إسناد.

5- الرد على الشبهات يكون بالنقل الصحيح والعقل السليم، لا بالخرافات والأساطير.

المصادر:

سنن الترمذي – كتاب الفتن – حديث رقم 2230

سنن أبي داود – كتاب المهدي – حديث رقم 4290

القرآن الكريم

تحفة الطالب (استشهاد فقط لا اعتماد عليه)

كتب العقيدة السنية مثل: "الفتن" لنعيم بن حماد، و"العقيدة الطحاوية"، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي