مقدمة
تعتبر شخصية عبد الله بن سبأ من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي، حيث ارتبط اسمه بنشأة فرق الغلو والتطرف، وتحديدًا في سياق الفتنة الكبرى التي أدت إلى استشهاد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه. تباينت الآراء حول أصله ونشأته، ودوره الحقيقي في الأحداث التاريخية، مما جعله محط دراسة وبحث للعديد من المؤرخين والباحثين. يهدف هذا المقال إلى استعراض أبرز المعلومات المتوفرة حول عبد الله بن سبأ، وتحليل دوره المزعوم في الفتنة، مع التركيز على المصادر التاريخية التي تناولته، وتقديم رؤية شاملة ومفصلة لهذه الشخصية الغامضة.
- أهم المقالات في موقع السقيفة:
شخصيةعبد الله بن سبأ: حقيقة مثبتة في كتب الشيعة وتناقضات من ينكرها
دحض الشبهات حول الإمام المهدي المنتظر
دحض شبهة اعتراف علماء أهل السنة بولادة المهدي المنتظر (1)
دحض شبهة اعتراف علماء أهل السنة بولادة المهدي المنتظر (2)
أصل ونشأة عبد الله بن سبأ
اختلف المؤرخون حول أصل عبد الله بن سبأ، وتعددت الروايات في تحديد موطنه الأصلي. فبينما ذهب البعض إلى أنه من يهود الحيرة بالعراق، ذكر آخرون أنه رومي الأصل. إلا أن الرأي الأرجح، والذي يميل إليه غالبية الباحثين، هو أنه من أهل اليمن، وتحديدًا من صنعاء [1].
يُذكر أن عبد الله بن سبأ كان يهوديًا، ثم أظهر الإسلام في زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه. وقد وصف المؤرخون إسلامه هذا بأنه كان نفاقًا وخديعة ومكرًا، بهدف بث سمومه وإثارة الفتنة بين المسلمين [2].
دور عبد الله بن سبأ في الفتنة الكبرى وأفكاره الهدامة
بعد إظهاره الإسلام، بدأ عبد الله بن سبأ في نشر أفكاره الهدامة، متظاهرًا بالغيرة على الدين، ومستغلًا أي فرصة لإثارة الشبهات والفتن. كان من أشد المحرضين على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وطالب بإسقاطه من الخلافة، مما أسهم بشكل كبير في تأجيج الفتنة التي وقعت في ذلك الوقت [3].
يُعد عبد الله بن سبأ أول من أظهر الغلو في أهل البيت، وأسس أصول التشيع، حيث ادعى الوصية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، مستندًا في ذلك إلى زعمه بأن كل نبي له وصي. كما طعن في الصحابة الكرام، مدعيًا أنهم لم ينفذوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بتولية علي الخلافة بعد وفاته [4].
نشاطه وتنقله بين البلدان:
تنقل عبد الله بن سبأ بين العديد من البلدان الإسلامية، مثل الحجاز، البصرة، الكوفة، الشام، ومصر. وفي كل بلد كان يجد آذانًا صاغية لبث سمومه ضد الخليفة عثمان، والغلو في علي رضي الله عنهما. يشير نشاطه المكثف في نشر أفكاره إلى احتمال وجود تمويل خارجي له، حيث كان ينتقل من بلد إلى آخر بنشاط كبير كلما طُرد من مكان، مما يوحي بأن اليهود كانوا يعينونه لإتمام خطته، بهدف إحداث الفرقة بين المسلمين وإفساد دينهم، على غرار ما فعله بولس اليهودي في دين النصارى [5].
المصادر:
[1] لم يذكر المصدر الأصلي مرجعًا محددًا لهذه المعلومة، ولكنها متواترة في كتب التاريخ.
[2] الذَّهبيُّ، سير أعلام النبلاء، الجزء الثالث، صفحة 189. (مرجع تقريبي بناءً على السياق)
[3] ابن عساكر، تاريخ دمشق، الجزء 29، صفحة 19.
[4] الطبري، تاريخ الرسل والملوك، الجزء 4، صفحة 340.
[5] ابن كثير، البداية والنهاية، الجزء 7، صفحة 175.