علاء الموسوي
بعض الآيات الواردة في الزكاة:-
قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة:43] ولم يقل: (وآتوا الخمس)!
وقال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة:83] ولم يقل: (وآتوا الخمس)!
وقال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [البقرة:110] ولم يقل: (وآتوا الخمس)!
وقال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة:177] ولم يقل: (وآتى الخمس)!
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة:277] ولم يذكر (الخمس)!
هذا كله في سورة واحدة جمعت كل شرائع الإسلام وأوامره ونواهيه، فأين (الخمس) منها؟!
وقال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ﴾ [الأعراف:156] ولم يقل: (ويؤتون الخمس)!
وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ﴾ [التوبة:5].
وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة:11] ولم يذكر (الخمس).
وقال عن نبيه عيسى عليه السلام: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً ﴾ [مريم:31]، ولم يوصه بالخمس!!
وقال عن إسماعيل عليه السلام: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً ﴾ [مريم:55]، ولم يذكر أنه كان يوصي أهله بالخمس.
وقال عن أنبيائه عليهم السلام: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ﴾ [الأنبياء:73]، ولم يذكر أنه أوحى إليهم إيتاء شيء اسمه الخمس.
وقال تعالى عن صفة أمراء المسلمين: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ ﴾ [الحج:41] ولم يقل: وآتوا الخمس.
وعدم ورود الخمس هنا بالذات يستدعي النظر... لأن الآية تخاطب ولاة الأمر، فلو كان (الخمس) أمراً مشروعاً لما أغفل الله ذكره في هذا الموضع مع ذكره الزكاة.
وقال عن المؤمنين جميعاً: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون:1] * ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون:2] * ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون:3] * ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون:4] * وذكر أموراً أخرى، ولم يكن من بينها (الخمس).
وقال عن عُمَّار المساجد: ﴿رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ [النور:37] ولم يذكر (الخمس) مع ذكره التجارة والبيع وإنما ذكر الزكاة!
وقال عنهم أيضاً: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ ﴾ [التوبة:18].
وقال عن أمهات المؤمنين: ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب:33]، ولم يقل: (وآتين الخمس)!
وقال: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [فصلت:6] * ﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [فصلت:7]. ولم يقل: (الذين لا يؤتون الخمس)!
وقال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة:5] ولم يذكر (الخمس).
وهكذا... وفي كل مرة في عشرات الآيات يتكرر ذكر الزكاة ولا يرد ذكر (الخمس) ولو مرة واحدة لا مقروناً معها ولا مستقلاً في غيرها من الآيات... فما وجه الحكمة في هذا السكوت لو كان الخمس مشروعاً ومراداً من الله؟!
كل الذي قاله تعالى، وطالب به عباده على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ملخص في قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة:103].
جدول مقارنة أخرى بين الزكاة والخُمس
وحتى تكون صورة المقارنة واضحة لابد من ملاحظة أن النسبة العائدة للزكاة تتعلق بمقدار من المال أصغر بكثير من مقدار المال الذي تتعلق به نسبة الخمس وذلك للأسباب المبينة في الفقرات (2-6) من الجدول السابق، فلا يصح أن نقول: إن قيمة الخمس ثمانية أضعاف قيمة الزكاة على اعتبار أن نسبة 20% تعادل 2.5% ثماني مرات. بل الخمس أكبر من ذلك بكثير، مع أن الفارق بين مقدارين أحدهما أكبر من الآخر ثماني مرات كبير جداً، فكيف إذا كانت قيمة أحدهما تربو على الآخر عشرات المرات؟!
لقد تبين لنا من المثال المضروب قبل صفحات تحت عنوان (مثال كي تتضح المقارنة) أن قيمة الخمس في مال معين يمكن أن تكون أكبر من قيمة زكاته ثمانين مرة!!
مثال آخر:-
لو أن رجلاً أقرض رجلاً مبلغاً من المال قدره مئة ألف دينار، ثم أقرضه بعد ذلك مبلغاً آخر قدره مليون دينار، حتى إذا جاء أجل تسديد الدين وكان بين الرجلين مسافة تفصل بينهما، فأرسل الدائن إلى المدين يطالبه بتسديد المال، أفيعقل أن يقوم بإرسال ثلاثين أو أربعين رسالة يطالب فيها بالمبلغ الأول ليس في واحدة منها ذكر شيء عن المبلغ الثاني الذي هو عشرة أضعاف الأول؟! أم إن العكس هو المعقول والممكن أن يكون؟ بل ليس من السائغ عقلاً أن يرسل عشر رسائل -مثلاً- يطالب فيها بالمبلغ الأول ثلاثاً منها فقط فيها إشارة إلى المبلغ الثاني.
فإذا أرسل عشرين رسالة، واحدة منها فقط يذكر فيها المبلغ الثاني، هل هذا الرجل عاقل أم فاقد للذاكرة؟! أم ماذا؟!
فكيف إذا كان أرسل أكثر من ثلاثين رسالة يطالب فيها بوضوح ومن دون لبس وبلهجة شديدة ومحذرة بتسديد المبلغ الأول، ورسالة واحدة مبهمة غير واضحة الدلالة في الحديث عن المبلغ الثاني، بل موضوعها الرئيس أمر آخر بعيد كل البعد عن موضوع الذين، صحيح أن فيها ذكراً للفظ مليون دينار، ولكن جاء في سياق الحديث عن شراء بيت مثلاً قيمته مليون دينار، وليس من علاقة بين الموضوعين إلا اللفظ. هل يُعقل هذا؟!
كذلك الحال مع الزكاة وخمس المكاسب في القرآن، فإن الله جل وعلا أنزل أكثر من ثلاثين آية عن الزكاة ولم ينزل آية واحدة عن خمس المكاسب! كل ما يمكن أن يقال آية واحدة مذكور فيها لفظ (الخمس) هذه الآية نزلت أساساً للحديث عن موضوع آخر، هو خمس الغنائم الذي لا يختلف أحد من أهل السنة أو الشيعة على أنه مقصود الآية.
مع أن الخمس أضعاف أضعاف الزكاة فلو كان مشروعاً لكان المعقول أن ينعكس الأمر فتكون آياته أضعاف أضعاف الآيات التي تتحدث عن الزكاة.
أما أن يكون الأمر بالمقلوب... فهذا لا يمكن لعاقل أن يتصوره إلا إذا انقلب عقله.
سبب نزول الآية:-
إن سورة الأنفال التي وردت فيها الآية أنزلها الله جل وعلا تعليقاً على معركة بدر الكبرى - هذه المعركة العظيمة الفاصلة التي سمى يومها يوم الفرقان، وبياناً لما فيها من دروس وعبر ومبادئ ووصايا وحكم وأوامر وزواجر وأحكام، منها كيفية تقسيم الأنفال أو الغنائم التي ينفلهما الله إياهما من المشركين، فأنزل الله هذه السورة وسمَّاها باسم هذه الأموال المغنومة (الأنفال)، وبدأها بذكر سؤال المؤمنين عن حكمها وكيفية قسمتها فقال: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [الأنفال:1].
ثم ذكر أوصاف المؤمنين حقاً ثم أخذ ببيان أحداث المعركة من أول خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيته إلى دخوله ساحة القتال إلى ذكر صور من القتال نفسه، وإنزال الملائكة ونصر المؤمنين وهزيمة الكافرين والوصية بإعداد القوة، وحكم الأسرى وفدائهم ودعوتهم إلى الإسلام إلى أن عاد في نهاية السورة إلى ما بدأها به من ذكر المؤمنين حقاً فأفصح عنهم وأعلن إنهم المهاجرون والأنصار: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا ﴾ [الأنفال:74].
وفي منتصف السورة تقريباً، ذكر حكم تقسيم الغنيمة والأصناف التي تقسم عليها ومقاديرها فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ [الأنفال:41] فما علاقة المكاسب والأرباح بالموضوع؟ حتى يكون لها خمس تتحدث عنه الآية؟!.
سياق الآية:-
من المعلوم أن سياق الكلام له علاقة أساسية في تفسيره ومعرفة معناه ومقصود المتكلم به.
فالكلمة الواحدة أو العبارة يكون لها معنى في موضع ومعنى آخر في موضع آخر بحسب موقعها من الكلام، أو حسب تركيب الكلام وترتيبه وحسب الموضوع الذي من أجله سيق الكلام، فإخراجها عن سياقها وموضوعها وحملها على أحد معانيها المحتملة عند الإطلاق دون قرينة أو علاقة بينهما يقتضيها السياق لا يكون إلا في كلام المجانين وهذيانات المجاذيب!.
فكيف يجوز أن نعامل كلام أحكم الحاكمين معاملة هذيان المجانين؟ فنخرج الآية من سياقها وموضوعها الذي هو كله حديث عن الجهاد والقتال إلى موضوع مغاير تماماً هو أموال المسالمين من المسلمين؟! إن الآية موضوعها الأموال المغنومة من الكفار المحاربين في ساحة القتال، لا أموال التجار والمتكسبين في أسواق المسالمين من المسلمين أو بيوتهم ومقتنياتهم!.
القرآن فرَّق بين المكاسب والغنائم:-
لقد فرق الله تعالى في كتابه بين الكسب والغنيمة، وبين أن في الأول الزكاة والصدقة فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ ﴾ [البقرة:267].
جاءت هذه الآية ضمن أربع عشرة آية تتحدث عن الإنفاق بدأت بقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ... ﴾ [البقرة:261].
وانتهت بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة:274] ثم ذكر الله بعدها سبع آيات عن الربا، وآيتين عن الدين، ثم ختم السورة بثلاث آيات، ولم يذكر قط أن في المكاسب شيئاً اسمه الخمس؛ لكنه في سورة الأنفال لما ذكر القتال بيَّن أن في غنائمه (الخمس)، فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ [الأنفال:41] فالخمس في الغنائم لا المكاسب، والله تعالى قادر -لو أراد- على أن يقول: (واعلموا أنما كسبتم من شيء فأن لله خمسه) لكنه لم يقل ذلك وإنما قال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ [الأنفال:41] فتأمل، وإياك واتباع ما تشابه منه.
الغنيمة في لغة القرآن:-
وردت الغنيمة في القرآن ست مرات فقط، أربع مرات بصيغة الفعل (غنم) ومرتين بصيغة الجمع (مغانم)، ولم ترد بصيغة اشتقاق أخرى غير هاتين الصيغتين.
وفي المواضع الستة -دون استثناء- ترد الغنيمة في معرض الحديث عن المال المأخوذ من الكفار في الحرب وليس في واحد منها قط الإشارة إلى ما يمتلكه المسلم أو يكتسبه من مال.
وهذه هي مواضع ورود الغنيمة في القرآن الكريم:
1- ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [الفتح:15] * ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ... ﴾ [الفتح:16] إلى أن قال: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ [الفتح:18].[1].
2- ﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾ [الفتح:19][2].
3- ﴿وَعَدَكُمْ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً ﴾ [الفتح:20].
4- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ [النساء:94].[3]
5- ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال:67] * ﴿لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال:68] * ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال:69].[4].
6- وقال الرب جل وعلا في الآية (41) من السورة نفسها (الأنفال): ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ... ﴾.
وإذن فلفظ الغنيمة لم يرد في القرآن إلا في غنائم الحرب التي تؤخذ من الكفار في ساحة القتال، أو فداء للأسرى، وفيها جاء ذكر الخمس مرة واحدة في القرآن. فمن أدخل الخمس على مكاسب المسلمين وتجاراتهم وممتلكاتهم -التي عظم الله حرمتها وحرَّم غنمها أو الاستيلاء عليها- فقد عامل أموالهم معاملة الغنيمة، والغنيمة هي: المال المأخوذ من أعداء الإسلام عن طريق الحرب والقتال، ولم ترد في القرآن في غير هذا المعنى قط، فمن أخذها من المسلمين فقد عامل المسلمين المسالمين معاملة الكفار المحاربين.
فمن قال بغير هذا فعليه بالدليل النقلي القاطع من القرآن، لا نرضى بغيره بدلاً؛ لأنه اشتمل على كل عظيم ومهم من شرائع الدين ولم يغادر منه شيئاً.
وهؤلاء المسلمون ليسوا خارجين عن الدين، ولا هم في حرب مع أهله أو قتال، فكيف تُخمَّس أموالهم؟!
من كتاب الخــمـــس بين الفريضة الشرعية والضريبة المالية
[1] وهو فتح خيبر، وقد كان بعد صلح الحديبية.
[2] وهي مغانم خيبر..
[3] أي: سافرتم وخرجتم للجهاد في سبيل الله لا تقولوا لمن سلم عليكم: إنما ألقيت التحية وسلمت تقية. والغنيمة هي ماله الذي يسلبونه إياه بعد قتله..
[4] الفداء الذي يؤخذ من الأسير، وسُمِّي الفداء الذي يؤخذ من الأسير غنيمة، وبين أنه حلال بعد أن كفَّ الصحابة عن أخذه بعد نزول الآيتين (67 و68) فنزلت الآية (69) بياناً لحلية أخذه إذ هو من الغنيمة..