الشبهة الثالثة: الغلو في الأئمة وعبادة القبور
وصل الغلو عند الرافضة إلى حد خطير في تعظيم من زعموا أنهم أئمة لهم، فقد "اتخذوهم أربابًا من دون الله" [13]. وهذا الغلو لم يقتصر على تعظيم الأئمة، بل امتد ليشمل عبادة القبور.
تفصيل الشبهة:
يعتقد الرافضة أن أئمتهم معصومون من الخطأ والزلل، وأنهم يملكون قدرات خارقة، وأنهم يعلمون الغيب. ولذلك، فهم يتوجهون إليهم بالدعاء والاستغاثة وطلب الشفاعة، ويعتبرون زيارة قبورهم من أعظم القربات، بل ويجعلون لها مناسك خاصة تضاهي مناسك الحج إلى الكعبة. يزعمون أن هذه الممارسات هي تعبير عن حب أهل البيت واحترامهم، وأنها وسيلة للتقرب إلى الله.
الرد على الشبهة:
يفند شيخ الإسلام هذا الغلو، مؤكدًا أن "شيخهم ابن النعمان قد صنف كتابًا سماه مناسك المشاهد، جعل قبور المخلوقين تُحج كما تُحج الكعبة" [14]. وهذا يمثل خروجًا واضحًا عن أصول التوحيد في الإسلام. إن التوحيد هو أساس الدين، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة، فلا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، سواء كان نبيًا أو وليًا أو إمامًا. إن دعاء غير الله والاستغاثة به وطلب الشفاعة منه هو من الشرك الأكبر الذي يخرج صاحبه من ملة الإسلام.
إن حب أهل البيت واحترامهم لا يعني الغلو فيهم أو عبادتهم من دون الله.
بل إن أهل البيت أنفسهم كانوا من أشد الناس حرصًا على التوحيد، ونهوا عن الغلو فيهم.
إن ما يفعله الرافضة من عبادة القبور والغلو في الأئمة هو مخالفة صريحة لمنهج أهل البيت، وهو من البدع التي لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته الكرام ولا أئمة أهل البيت.
الشبهة الرابعة: تحريف الدين والكذب على الرسول والقرآن
لقد تجاوز الرافضة كل الحدود في تحريف الدين والكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن الكريم. فشيخ الإسلام يذكر أنهم "أدخلوا في دين الله من الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما لم يكذبه غيرهم، وردوا الصدق ما لم يرده غيرهم، وحرفوا القرآن تحريفًا ما لم يحرفه غيرهم" [15].
تفصيل الشبهة:
يزعم الرافضة أن القرآن الكريم قد تعرض للتحريف والنقصان، وأن هناك آيات وسورًا قد حذفت منه. كما أنهم يروون أحاديث مكذوبة وينسبونها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل البيت، بهدف دعم معتقداتهم الباطلة وتشويه صورة الصحابة الكرام. يهدفون من وراء ذلك إلى إضعاف ثقة المسلمين في القرآن والسنة، وإيجاد مبرر لانحرافهم عن منهج أهل السنة والجماعة.
الرد على الشبهة:
يفند شيخ الإسلام هذا الادعاء، مؤكدًا أن القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله تعالى، كما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]. وقد أجمعت الأمة الإسلامية على أن القرآن الكريم لم يتعرض للتحريف أو النقصان، وأن ما يزعمه الرافضة هو محض افتراء وكذب. إن الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - هو من كبائر الذنوب، وقد توعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من كذب عليه متعمدًا بالنار.
- إن ما يرويه الرافضة من أحاديث مكذوبة هو دليل على جهلهم وانحرافهم عن منهج أهل السنة والجماعة في قبول الروايات.
- إن أهل السنة يعتمدون على الأسانيد الصحيحة والمتصلة في قبول الأحاديث، بينما الرافضة يعتمدون على روايات ضعيفة ومكذوبة لا تصمد أمام النقد العلمي.
- إن تحريف الدين والكذب على الرسول والقرآن هو من أخطر الأمور التي تهدد الإسلام وأهله.
الشبهة الخامسة: دعوى متابعة أهل البيت وموقفهم من الصحابة
يدعي الرافضة أنهم يتبعون إجماع أهل البيت، ولكن شيخ الإسلام يفند هذا الادعاء، مؤكدًا أنهم "لا ريب أنهم متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية، مع مخالفة إجماع الصحابة" [16].
تفصيل الشبهة:
يزعم الرافضة أنهم وحدهم الذين يتبعون أهل البيت ويحبونهم، وأن أهل السنة والجماعة يبغضون أهل البيت.
ولذلك، فهم يطعنون في الصحابة الكرام، وخاصة أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، ويزعمون أنهم اغتصبوا الخلافة من علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. يهدفون من وراء ذلك إلى إثارة الشقاق بين المسلمين، وتشويه صورة الصحابة الكرام الذين هم خير القرون.
الرد على الشبهة:
يؤكد شيخ الإسلام أن أهل السنة والجماعة يحبون أهل البيت ويوالونهم، ويقدمونهم على غيرهم من المسلمين، ولكنهم لا يغلون فيهم ولا يعبدونهم من دون الله.
كما أن أهل السنة يحبون الصحابة الكرام جميعًا، ويعتقدون أنهم عدول وأنهم خير القرون. إن ما يزعمه الرافضة من أن أهل السنة يبغضون أهل البيت هو محض افتراء وكذب.
ويستدل شيخ الإسلام على أن أهل البيت أنفسهم كانوا يوالون أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، ويقرون بفضلهم، ويقدمونهم على غيرهم. فقد "لم يكن في العترة النبوية – بنو هاشم – على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم – من يقول بإمامة الاثني عشر، ولا بعصمة أحد بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا بخلفاء الثلاثة، بل ولا من يطعن في إمامتهم، ولا من ينكر الصفات، ولا من يكذب بالقدر" [17]. وهذا يؤكد أن مذهب الرافضة لا يمت بصلة إلى منهج أهل البيت والصحابة الكرام.
إن طعن الرافضة في الصحابة الكرام هو طعن في الإسلام نفسه، لأن الصحابة هم نقلة الدين، وهم الذين بلغوا القرآن والسنة إلى الأمة.
إن تشويه صورة الصحابة يهدف إلى إضعاف ثقة المسلمين في دينهم، وإيجاد مبرر للانحراف عن منهج أهل السنة والجماعة.
____________________________________
[14] منهاج السنة النبوية، الجزء الأول، الصفحة 476.
[15] منهاج السنة النبوية، الجزء الثالث، الصفحة 404.
[16] منهاج السنة النبوية، الجزء الثالث، الصفحة 406.
[17] منهاج السنة النبوية، الجزء الثالث، الصفحات 406-407.