يأتيهم الجبار في صورة غير صورته:
ورد في نصوص الكتاب والسنة ذكر صفات لله عز وجل يجب على المؤمن إثباتها كما أثبتها الله لنفسه، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ومن ذلك ما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: 42]، وما صح عن النبي ﷺ في أحاديث الرؤية.
وقد وقع الخلاف بين أهل العلم في تفسيرها، لكن منهج السلف هو التسليم للنصوص مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين. هذا المقال يستعرض أبرز الأحاديث الصحيحة المتعلقة بصفة الساق، مع مناقشة أقوال أهل العلم في فهمها، وبيان خطأ مسلك التعطيل، وخطورة رد النصوص الشرعية بعقل أو ذوق.
الرؤية الاولى فهي:
ثبت في حديث سنده جيد كما قال الالباني في الصحيحة وابن تيمية في الفتاوى وأثبته الذهبي في العلو عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جمع الله العباد بصعيد وأحد نادى مناد: يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ها هنا ؟ فيقولون ننتظر إلهنا، فيقول هل تعرفونه؟
فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه، فيقعون سجدا، وذلك لقول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42]، ويبقى كل منافق، فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة
فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته:
هذه الرؤية الثانية:
هذا الحديث رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري وورد فيها «فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم، فيقولون أنت ربنا، فلا يكلمه إلاّ الاَنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن» (البخاري9/159).
المشرك لا يحرص على التنزيه. وأنت ستدافع عن قول الخميني فاطمة اله. فكيف تكون منزها؟
وهذا الحديث الصحيح نص صريح في إثبات الصفات لله التي وصف بها نفسه وأوحى بها إلى رسله.
ولهذا حمل بعض أهل العلم الصورة هنا على الصفة كالبيهقي وغيره. لأن الصفة من معاني الصورة كما هو ثابت في التعريف اللغوي للفظ الصورة.
وإن من جملة ما وصف الله به نفسه هو الساق. وهذا الحديث نص على ذلك فيكشف عن ساقه. حيث إن المعطلة يرون أن هذه العبارة باطلة لا تليق بالله. ولا يزالون يستنكفون عن إثبات صفة الساق لله تعالى، وسوف يرسبون في هذا الاختبار يوم القيامة.
والمخطئ في الإثبات خير من المخطئ في التعطيل.
وهو أقل وقوعا في الخطأ من المعطل.
لأن المثبت بنى دينه على التسليم لكل ما أوحى الله به حتى الصورة. ولم يغفل التنزيه.
فإن أعظم التنزيه تنزيه الله عن أن يصف نفسه بصفة لا تليق به، فهل عند المعطل مثل هذا؟
أما المعطل فقد بنى تعطيله على عدم التسليم لله ولا الثقة بما يوجي به، جل ما عنده التمسك بقوله تعالى {ليس كمثله شيء} وهي عذر التعطيل.
فإن الذي وصف نفسه بأنه {ليس كمثله شيء} هو نفسه الذي وصف نفسه بأن له عينين ويدا وساقا وأنه يجيء وينزل.