إن منهج أهل السنة والجماعة قائم على إعمال نصوص الكتاب والسنة في باب الأسماء والصفات على ظاهرها، بلا تحريف ولا تعطيل، وبلا تكييف ولا تمثيل، كما جاءت عن الله تعالى ورسوله ﷺ. فقد أجمع الأئمة من مختلف المذاهب والقرون على إثبات الصفات الإلهية على حقيقتها، تنزيهًا لله عن مشابهة المخلوقين، وإيمانًا بأن لسان العرب الذي نزل به القرآن هو الحاكم في دلالة هذه الألفاظ. ومن هنا جاءت أقوال كبار العلماء كالإمام ابن الجوزي، والكلاباذي، وابن منده، وابن الزاغوني، وأبي القاسم التميمي، شاهدة على وحدة هذا المنهج، ومحذّرة من الانحراف عنه بالتأويل الباطل أو التعطيل
مقالات ذات صلة:
إلزام: لماذا الولاية ليست ضمن أركان الإسلام الخمس
شبهة: رأيت ربي في المنام في صورة شاب موفر في خضر عليه ...
الخوئي وصدر المتألهين: لا مانع من التزام التجسيم الإلهي؟
في دين الشيعة (آية جديدة في سورة مريم).
وقال الامام ابن الجوزي:
" ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة وفي هذه السنة قرىء الاعتقاد القادري في الديوان اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا ابو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال اخرج الامام القائم بامر الله امير المؤمنين ابو جعفر ابن القادر بالله في سنة نيف وثلاثين واربعمائة الاعتقاد القادري الذي ذكره القادر فقرىء في الديوان وحضر الزهاد والعلماء وممن حضر الشيخ ابو الحسن علي بن عمر القزويني فكتب خطه تحته قبل ان يكتب الفقهاء وكتب الفقهاء خطوطهم فيه ان هذا اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد فسق وكفر وهو يجب على الانسان ان يعلم ان الله عزو جل وحده لا شريك له لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احدا لم يتخذ صاحبه ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك وهو اول لم يزل وآخر لم يزل قادر على كل شيء غير عاجز عن شيء اذا اراد شيئا قال له كن فيكون غنى غير محتاج الى شيء ﴿ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلحَيُّ ٱلقَيُّومُ لَا تَأخُذُهُ سِنَة وَلَا نَوم﴾يطعم ولا يطعم لا يستوحش من وحده ولا يأنس بشيء وهو الغنى عن كل شي لا تخلفه الدهور والازمان وكيف تغيره الدهور والازمان وهو خالق الدهور والازمان والليل والنهار والضوء والظلمة والسموات والارض وما فيها من انواع الخلق والبر والبحر وما فيهما وكل شيء حي او موات او جماد كان ربنا وحده لا شيء معه ولا مكان يحويه فخلق كل شيء بقدرته وخلق العرش لا لحاجته اليه فاستوى عليه كيف شاء واراد لا استقرار راحة كما يستريح الخلق وهو مدبر السموات والارضين ومدبر ما فيهما ومن في البر والبحر ولا مدبر غيره ولا حافظ سواه يرزقهم ويمرضهم ويعافيهم ويميتهم ويحيهم والخلق كلهم عاجزون والملائكة والنبيون والمرسلون والخلق كلهم اجمعون وهو القادر بقدرة والعالم بعلم ازلي غير مستفاد وهو السميع بسمع والمبصر ببصر يعرف صفتهما من نفسه لا يبلغ كنههما احد من خلقه متكلم بكلام لا بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين لا يوصف الا بما وصف به نفسه او وصفه به نبيه عليه السلام وكل صفة وصف بها نفسه او وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقة لا مجازية " اهـ
المنتظم – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي - ج 8 ص 108 – 110
وقال الامام ابو بكر الكلاباذي الحنفي المتوفى في 380 هـ ناقلا قول الصوفية: " شرح قولهم في الصفات أجمعوا على أن لله صفات على الحقيقة هو بها موصوف من العلم والقدرة والقوة والعز والحلم والحكمة والكبرياء والجبروت والقدم والحياة والإرادة والمشيئة والكلام وأنها ليست بأجسام ولا أعراض ولا جواهر كما أن ذاته ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وأن له سمعا وبصرا ووجها ويدا على الحقيقة ليس كالأسماع والأبصار والأيدي والوجوه " اهـ
التعرف لمذهب التصوف - ابو بكر محمد بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي الحنفي - ج 1 ص 35
وقال الامام ابن منده:
" بَابٌ: ذِكْرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: 75]
ذِكْرُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدَيْنِ حَقِيقَةً " اهـ.
الرد على الجهمية - أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَه - ج 1 ص 35
وقال الامام ابن الزاغوني:
"والدلالة على كونهما ذاتيتين تزيدان على النعمة وعلى القدرة أنا نقول: القرآن نزل بلغة العرب واليد المطلقة في لغة العرب وفي معارفهم وعاداتهم المراد بها إثبات صفة ذاتية للموصوف لها خصائص فيما يقصد به، وهي حقيقة في ذلك، كما ثبت في معارفهم
الصفة التي هي القدرة، والصفة التي هي العلم، كذلك سائر الصفات من الوجه والسمع والبصر والحياة وغير ذلك، وهذا هو الأصل في هذه الصفة، وأنهم لا ينتقلون عن هذه الحقيقة إلى غيرها مما يقال على سبيل المجاز إلا بقرينة تدل على ذلك، فأما مع الإطلاق فلا " اهـ.
الايضاح في اصول الدين – أبو الحسن علي بن عبيد الله بن الزاغوني– ص 284 – 285
وقال: " أنا قد بينا أن إضافة الفعل إلى اليد على الإطلاق لا يكون إلا والمراد به يد الصفة، وهذا توكيد لإثبات الصفة الحقيقية، ومحال أن يجتمع مؤكد للحقيقة مع قرينة ناقلة عن الحقيقة " اهـ
الايضاح في اصول الدين – أبو الحسن علي بن عبيد الله بن الزاغوني– ص 287
وقال الامام ابوالقاسم التميمي:
"أن من حمل اللفظ على ظاهره، وعلى مقتضى اللغة حمله على حقيقته، ومن تأويله عدل به عن الحقيقة إلى المجاز، ولا يجوز إضافة المجاز إلى صفات الله وتعالى " اهـ
الحجة في بيان المحجة - أبو القاسم اسماعيل ابن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني - ج1 ص 482