من المسائل الدقيقة في أبواب العقيدة:
الأحاديث التي وردت فيها أوصاف تُنسب إلى الله عز وجل على وجه قد يُشكل على البعض، ومن ذلك حديث النبي ﷺ: «إن الله لا يمل حتى تملوا» وفي رواية: «خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا» (رواه البخاري ومسلم). وقد ظن بعض الناس أن هذا الحديث يقتضي إثبات صفة "الملل" لله تعالى على وجه الإطلاق، بينما بيّن أهل العلم أن هذا من باب المشاكلة اللفظية والجزاء من جنس العمل، كقوله تعالى: ﴿يخادعون الله وهو خادعهم﴾، و﴿نسوا الله فنسيهم﴾. فالمقصود ليس الملل الحقيقي، وإنما انقطاع الثواب عن العبد إذا أعرض هو عن الطاعة
وفي رواية لمسلم «خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا».
والإشكال في الحديث هو إضافة الملل إلى الله.
مقالات السقيفة ذات صلة:
الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها
أصول أهل السنة والجماعة في الصفات
رواية الشاب الأمرد في كتب الشيعة
وإعراض الله عن العبد بحسب إعراض العبد عن الله كما أن إقبال الله على عبده موقف بحسب إقبال العبد على الله. وهذا الحديث من باب الجزاء من جنس العمل مثل قوله تعالى ﴿إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم﴾ وقوله ﴿نسوا الله فنسيهم﴾.
وقوله ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾.
قوله ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾.
ومعلوم أن الجزاء على السيئة لا يكون سيئة. كما أن القصاص على الاعتداء لا يكون اعتداء وإن سمي اعتداء. وإنما هذا جار فيما يسمى بالمشاكلة اللفظية وسمي مللا.
مقالات السقيفة ذات صلة:
أن الله كتب التوراة لموسى بيده
الأصل حمل الصفات على الحقيقة (3)
فيكون المعنى أن ملل العبد إنما هو انقطاع عن العمل. فيكون الملل من الله عبارة عن انقطاع الثواب.
وقد قال بنحو ذلك إمام من أئمة اللغة والسلف وهو إبراهيم الحربي.
فالملل هنا:
جاء وصفا من الله في مقابل ملل العبد. فلا يكون وصفا على جهة الإطلاق وإنما يذكر في مقابلة ملل العبد.
كقوله تعالى ﴿ويمكرون ويمكر الله﴾ وقوله ﴿الله يستهزئ بهمْ﴾.
وقول النبي e لعائشة «لا توعي فيوعي الله عليك».
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى الله قوله (حتى تملوا) أي إذا مللتم. وهو خطأ فإن (حتى) لا تأتي بمعنى (إذا).