كثيرًا ما يطرح السؤال:

هل تُعَدّ الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه نوعًا من الاطلاع على الغيب؟ والجواب أن الرؤيا لا تُعتبر من علم الغيب، إذ لو كانت كذلك لكان كل إنسان يرى المنام قد عَلِم الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله. غير أن الرؤيا قد تكون حقًا من الله، أو أضغاث أحلام من الشيطان، أو حديث نفس، وقد عدّها الشرع جزءًا من أجزاء النبوة من حيث المشابهة لا من حيث الحقيقة.

                                            هَلِ رُؤْيَا المَنَامِ مِنَ العِلْمِ بِالغَيْبِ؟                                   

الجَوَابُ:

لَا، لَيْسَ مِنَ العِلْمِ بالغَيْبِ وإلا اصبحنا جميعنا نعلم الغيب!

إِلَّا إِنْ كَانَتْ لِلأَنْبِيَاءِ فَهِي مِنْ جُمْلَةِ شُؤُوْنِ النُّبُوَّةِ، بِخِلَافِ المَنَامِ الَّذِيْ يَراهُ الرَّجُلُ مِنَّا؛ فَمِنْهُ الحَقُّ ومِنْهُ البَاطِلُ، وَلَيْسَ مَعْنَى الحَقِّ هُنَا أَنَّهُ يَجْزِمُ بِكَوْنِهِ غَيْبَاَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَكُوْنُ فِيْهِ نَوْعُ اطْلَاعٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الغَيْبِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنَ الكَرَامَاتِ الَّتِيْ يُعْطِيْهَا اللهُ تَعَالَى لِلعَبْدِ، خَاصَّةً وَأَنَّ هَذِهِ المَنَامَاتِ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ جَاءَتْ فِي حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْفُوْعِ وَهُوَ (رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ - وَمَا كَانَ مِنَ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ - وَالرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: حَدِيْثُ النَّفْسِ وَتَخْوِيْفُ الشَّيْطَانِ وَبُشْرَى مِنَ اللهِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 (رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7017)، وَمُسْلِمٌ (2263)

مقالات السقيفة ذات الصلة:

شبهات الشيعة حول ابن تيمية

هل ورّث النبي ﷺ علم الغيب للأئمة فقط؟

مَا هو الوَحْيُ وَمَا هو الإِلْهَامِ؟

تعريف الوحي لغة وشرعًا وأنواعه

وَأَمَّا قَوْلُهُ (رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِيْنَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) فَمَعْنَاهُ: (إِنْ وَقَعَتِ الرُّؤيَا مِنَ النَّبِيِّ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ حَقِيْقَةً، وَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ فَهِي جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبوَّةِ عَلَى سَبِيْلِ المَجَازِ، وَقَالَ الخَطَّابيُّ: (قِيْلَ: مَعْنَاهُ: إِنَّ الرُّؤيَا تَجِيْءُ عَلَى مُوافَقَةِ النُّبوَّةِ؛ لِأَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَقِيْلَ: المَعْنَى أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ عِلْمِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ - وَإِنِ انْقَطَعَتْ - فَعِلْمُهَا بَاقٍ)).

(أَفَادَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (363/12)

 ((قَالَ الحَافِظ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (363/12): (وَتُعقّبَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِيْمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ سُئِلَ:

  أَيُعبِّرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أَحَدٍ؟ فَقَالَ: (أَبِالنُّبُوَّةِ يُلْعَبُ؟!)، ثُمَّ قَالَ: (الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ؛ فَلَا يُلْعَبُ بِالنُّبُوَّةِ!) 

وَالجَوَابُ:

 أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهَا نُبُوَّةٌ بَاقيَةٌ، وَإنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتِ النُّبُوَّةَ مِنْ جِهَةِ الاطِّلَاعِ عَلَى بَعْضِ الغَيْبِ؛ فَإِنَّه لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ فِيْهَا بِغَيرِ عِلْمٍ).

قُلْتُ: وَيُمْكِنُ القَوْلُ أَيْضًا أَنَّ جِهَةَ النُّبُوَّةِ فِيْهَا هُوَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ تَأْوِيْلِهَا يَرْجِعُ إِلَى الشَّرْعِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّوْجِيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ أَمَرَ أَنْ لَا تُقَصَّ إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ، وَوَجْهُ كَوْنِهِ عَالِمًا هُوَ بِسَبَبِ أَنَّ الشَّرِيْعَةَ جَاءَ فِيْهَا كَثِيْرٌ مِنْ تَأْوِيْلِ المَنَامَاتِ، كَمَا جَعَلَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي صَحِيْحِهِ كِتَابًا سَمَّاهُ كِتَابَ التَّعْبِيْرِ (29/9)

جاء عند الرافضة ان الرؤيا ليست للإمام:

518 - 3 الكافي، 1 /176 /3 /1 محمد عن أحمد عن السراد عن مؤمن الطاق قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن «الرسول والنبي والمحدث قال الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا فيراه ويكلمه فهذا الرسول وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان رأى رسول اللَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل عليه السّلام من عند اللَّه بالرسالة وكان محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند اللَّه يجيئه بها جبرئيل عليه السّلام ويكلمه بها قبلا ومن الأنبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه من غير أن يكون يرى في اليقظة وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه » .

الوافي للكاشاني ج 2 ص 73 – 79