من جملة الأحاديث التي يروّج لها بعض أهل الأهواء حديث منسوب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، جاء فيه أن النبي ﷺ قال: «سيكون بعدنا قوم يقال لهم الرافضة فإن أدركتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون». وهذا الحديث على كثرة طرقه لا يصح، لما في أسانيده من جهالة وضعف شديد وتشيع وغلو في الرواية.

وقد أوضح أهل العلم علله؛ ففيه فضيل بن مرزوق وهو متشيع ضعيف يروي عن عطية الموضوعات، وأبو جناب الكلبي الذي تركه كبار النقاد، إضافة إلى الانقطاع والجهالة في بعض السند. ولذلك حكم الأئمة ببطلانه.

ومع وضوح ضعفه، يحاول الرافضة إلصاق تصحيح الحديث بابن تيمية زورًا، محتجين بقوله: «فهذا الموقوف على علي شاهد في المعنى لذلك المرفوع»، مع أن ابن تيمية نفسه بيّن ضعف المرفوع، بل قال عن بعض طرقه: «وفي هذا الحديث نظر». فهو لم يصحح الرواية وإنما أوردها مع بيان عللها.

وقد أكد الألباني رحمه الله أن زيادة «فاقتلوهم فإنهم مشركون» لا تصح من أي وجه، وكل طرقها واهية لا يثبت بها الاحتجاج.

وهكذا يظهر أن الأمة لم تغفل عن هذه الموضوعات، بل بيّنت ضعفها وعللها، وأبطلت ما استند إليه الرافضة من دعاوى، ليبقى ميزان النقد الحديثي حصنًا ضد التحريف والتلبيس.

حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا فضيل بن مرزوق عن أبي جناب عن أبي سليمان الهمداني عن رجل من قومه قال: قال علي: «قال رسول الله e: ألا أدلك على عمل إن عملته كنت من أهل الجنة؟ وأنك من أهل الجنة؟ إنه سيكون بعدنا قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون.

قال: وقال علي رضي الله عنه: سيكون بعدنا قوم سيكون ينتحلون مودتنا يكذبون علينا مارقة آية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما».

قلت: الرواية معلولة بالجهالة (عن رجل من قومه).

وفضيل بن مرزوق شديد التشيع ضعفه النسائي وابن حبان وكان يروي الموضوعات عن عطية العوفي (تهذيب التهذيب8/298). وثّقه بعضهم وضعّفه آخرون. وقال ابن حبان: «يروي عن عطية الموضوعات» وكان شديد التشيع كما قال ابن معين والعجلي (تهذيب التهذيب4/301-302) وانتهى الحافظ في التقريب (5437) إلى قوله «صدوق يَهِم، ورُمِي بالتّشيع».

وفيه أبو جناب: يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي: قال يحيى القطان «لا أستحل أن أروي عنه» (ميزان الاعتدال7/170).

فالحديث باطل بهذا الإسناد بل وبغيره كما سوف يأتي ولكن:

هل صحح ابن تيمية هذه الرواية؟

احتج الرافضة بقول ابن تيمية «فهذا الموقوف على علي رضي الله عنه شاهد في المعنى لذلك المرفوع»

وهذا تدليس منهم فقد قال ابن تيمية بعد رواية هذا الحديث: «وروي هذا المعنى مرفوعا من حديث أم سلمة وفي إسناده سوار بن مصعب وهو متروك. وروى ابن بطة بإسناده عن أنس قال: رسول الله عليه الصلاة والسلام إن الله اختارني واختار أصحابي فجعلهم أنصاري وجعلهم أصهاري وإنه سيجيء في آخر الزمان قوم يبغضوهم ألا فلا تواكلوهم ولا تشاربوهم ألا فلا تناكحوهم ألا فلا تصلوا معهم ولا تصلوا عليهم عليهم حلت اللعنة».

قال ابن تيمية: «وفي هذا الحديث نظر».

أضاف: «وروى ما هو أغرب من هذا وأضعف رواه ابن البناء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا تسبوا أصحابي فإن كفارتهم القتل»

(الصارم المسلول ص581).

علق الألباني على زيادة (فاقتلوهم فإنهم مشركون) ما نصه:

«وقد رويت هذه الزيادة من أوجه أخر كلها ضعيفة كما قال البيهقي: وبعضها أشد ضعفاً من بعض، وقد كشف ابن الجوزي عن عللها ثم الهيثمي. ولذلك فلم تطمئن النفس لتقوية الحديث بمجموعها، وقد أشار البيهقي إلى ذلك بقوله في الباب الذي عقده لها «إن صح الحديث»

(سلسلة الضعيفة6267 ظلال الجنة في تخريج السنة2/192).