قصة موسى مع قارون بين الروايات والتحريفات في كتب الشيعة
تُعَدُّ قصة قارون من أبرز القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيثُ ساقها الله تعالى للعظة والاعتبار، فقال سبحانه: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص: 81]. وقد تناول القرآن الكريم الحادثة بإيجاز بليغ، ليُبيِّن مصير المتكبِّرين الذين بَغَوا على قومهم.
غير أنّ بعض كتب الشيعة، مثل بحار الأنوار للمجلسي وقصص الأنبياء للجزائري، قد أضافت رواياتٍ غريبةً تسيء إلى مقام النبوّة، إذ نسبوا إلى موسى عليه السلام الغضب المفرط، وادّعوا أن شعراتٍ في كتفه تسيل دمًا عند غضبه، بل جعلوا الله تعالى يعيّره بكلامه، وهو ما يتنافى مع التنزيه اللائق بالأنبياء. هذه الروايات تكشف عن اضطراب عقدي خطير عند الرافضة، ومحاولة لتمرير خرافات لا أصل لها في القرآن ولا في السنة الصحيحة.
بحار الأنوار للمجلسي:
فَلَمَّا طَالَ الْأَمْرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التِّيهِ وَالتَّوْبَةِ، وَكَانَ قَارُونُ قَدِ امْتَنَعَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي التَّوْبَةِ، وَكَانَ مُوسَى يُحِبُّهُ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ لَهُ: "يَا قَارُونُ، قَوْمُكَ فِي التَّوْبَةِ وَأَنْتَ قَاعِدٌ هَهُنَا، ادْخُلْ مَعَهُمْ وَإِلَّا نَزَلَ بِكَ الْعَذَابُ". فَاسْتَهَانَ بِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِقَوْلِهِ.
فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ عِنْدِهِ مُغْتَمًّا، فَجَلَسَ فِي فِنَاءِ قَصْرِهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ شَعْرٍ، وَنَعْلَانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ شِرَاكُهُمَا مِنْ خُيُوطِ شَعْرٍ، بِيَدِهِ الْعَصَا. فَأَمَرَ قَارُونُ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ رَمَادٌ قَدْ خُلِطَ بِالْمَاءِ، فَصُبَّ عَلَيْهِ. فَغَضِبَ مُوسَى غَضَبًا شَدِيدًا، وَكَانَ فِي كَتِفِهِ شَعَرَاتٌ كَانَ إِذَا غَضِبَ خَرَجَتْ مِنْ ثِيَابِهِ وَقَطَرَ مِنْهَا الدَّمُ. فَقَالَ مُوسَى: "يَا رَبِّ، إِنْ لَمْ تَغْضَبْ لِي فَلَسْتُ لَكَ بِنَبِيٍّ!".
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: "قَدْ أَمَرْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَكَ، فَمُرْهُمَا بِمَا شِئْتَ". وَقَدْ كَانَ قَارُونُ أَمَرَ أَنْ يُغْلَقَ بَابُ الْقَصْرِ، فَأَقْبَلَ مُوسَى فَأَوْمَأَ إِلَى الْأَبْوَابِ فَانْفَرَجَتْ وَدَخَلَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَارُونُ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُوتِيَ بِالْعَذَابِ، فَقَالَ: "يَا مُوسَى، أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ".
إتهام نبي الله نوح بأن ابنه ولد من زنا
عند الشيعة الرسول أول من يدخل النار
هل ورَّث النبي ﷺ عِلْم الغيب للأئمَّة وحدهم؟
شبهة حديث: المهدي خير من ابي بكر وعمر
فَقَالَ لَهُ مُوسَى: "يَا ابْنَ لَاوِي، لَا تَرُدَّنِي مِنْ كَلَامِكَ. يَا أَرْضُ خُذِيهِ". فَدَخَلَ الْقَصْرُ بِمَا فِيهِ فِي الْأَرْضِ، وَدَخَلَ قَارُونُ فِي الْأَرْضِ إِلَى الرُّكْبَةِ، فَبَكَى وَحَلَّفَهُ بِالرَّحِمِ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: "يَا ابْنَ لَاوِي، لَا تَرُدَّنِي مِنْ كَلَامِكَ. يَا أَرْضُ خُذِيهِ". فَابْتَلَعَتْهُ بِقَصْرِهِ وَخَزَائِنِهِ.
وَهَذَا مَا قَالَ مُوسَى لِقَارُونَ يَوْمَ أَهْلَكَهُ اللَّهُ، فَعَيَّرَهُ اللَّهُ بِمَا قَالَهُ لِقَارُونَ، فَعَلِمَ مُوسَى أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَيَّرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "يَا رَبِّ، إِنَّ قَارُونَ دَعَانِي بِغَيْرِكَ، وَلَوْ دَعَانِي بِكَ لَأَجَبْتُهُ". فَقَالَ اللَّهُ: "يَا ابْنَ لَاوِي، لَا تَرُدَّنِي مِنْ كَلَامِكَ". فَقَالَ مُوسَى: "يَا رَبِّ، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لَكَ رِضًى لَأَجَبْتُهُ".
بحار الأنوار للمجلسي، الجزء 13، ص 250 - 251
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "يَا مُوسَى، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَجُودِي وَمَجْدِي وَعُلُوِّ مَكَانِي، لَوْ أَنَّ قَارُونَ كَمَا دَعَاكَ دَعَانِي لَأَجَبْتُهُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا دَعَاكَ وَكَّلْتُهُ إِلَيْكَ...".
قصص الأنبياء لنعمة الله الجزائري، ص 250
[random_related_posts]