يُعَدُّ قَصَصُ الأَنْبِيَاءِ من أهمِّ ما حفظه التراث الإسلامي، إذ يجمع بين العبرة الإيمانيّة والدروس التربويّة. ومن أبرز هذه القصص قصة نبيِّ الله يوسف (عليه السلام)، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وتناولت تفاصيلَها كتبُ التفسير والحديث. غير أنّ الموروث الشيعي قد أضاف أبعادًا أخرى لهذه القصة من خلال رواياتٍ تُفسِّر ما وراء قميص يوسف (عليه السلام)، وتربطه بتراث الأنبياء السابقين، وصولًا إلى المهدي المنتظر (عليه السلام). وقد تضافرت المصادر الروائية مثل: كمال الدين وتمام النعمة للصدوق، وبصائر الدرجات للصفار، وبحار الأنوار للمجلسي لتسرد لنا رواياتٍ متقاربة السند والمضمون، تبيّن أنّ هذا القميص لم يكن قميصًا عاديًّا، بل كان ثوبًا من ثياب الجنة حمل معه سرًّا إلهيًّا، ورمزًا للولاية والوراثة النبوية.

كمال الدين وتمام النعمة للصدوق:

28 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "أَتَدْرِي مَا كَانَ قَمِيصُ يُوسُفَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ؟" قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمَّا أُوقِدَتْ لَهُ النَّارُ أَتَاهُ جِبْرَائِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ فَأَلْبَسَهُ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَضُرَّهُ مَعَهَا حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ. فَلَمَّا حَضَرَ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْتُ جَعَلَهُ فِي تَمِيمَةٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى إِسْحَاقَ، وَعَلَّقَهُ إِسْحَاقُ عَلَى يَعْقُوبَ، فَلَمَّا وُلِدَ يُوسُفُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي عَضُدِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ. فَلَمَّا أَخْرَجَهُ يُوسُفُ بِمِصْرَ مِنَ التَّمِيمَةِ وَجَدَ يَعْقُوبُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رِيحَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ﴾ [يوسف: 94]. فَهُوَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ الَّذِي أُنْزِلَ مِنَ الْجَنَّةِ". قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَإِلَى مَنْ صَارَ هَذَا الْقَمِيصُ؟ قَالَ: "إِلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ مَعَ قَائِمِنَا إِذَا خَرَجَ". ثُمَّ قَالَ: "كُلُّ نَبِيٍّ وَرِثَ عِلْمًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَدِ انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)".

كمال الدين وتمام النعمة للصدوق، ص 674

 

مقالات السقيفة ذات صلة:

بصائر الدرجات للصفار:

(باب ما عند الأئمة عليهم السلام من سلاح رسول الله (ص) وآيات الأنبياء مثل عصى موسى وخاتم سليمان والطست والتابوت والألواح وقميص آدم)

(58) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ عَنْ بِشْرِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "أَتَدْرِي مَا كَانَ قَمِيصُ يُوسُفَ؟" قَالَ: قُلْتُ: لَا.

قَالَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُوقِدَ لَهُ النَّارُ أَتَاهُ جِبْرَائِيلُ بِثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ فَأَلْبَسَهُ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَضُرَّهُ مَعَهُ حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ. فَلَمَّا حَضَرَ إِبْرَاهِيمَ الْوَفَاةُ جَعَلَهُ فِي تَمِيمَتِهِ وَعَلَّقَهَا عَلَى إِسْحَاقَ، وَعَلَّقَهَا إِسْحَاقُ عَلَى يَعْقُوبَ، فَلَمَّا وُلِدَ يُوسُفُ عَلَّقَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي عَضُدِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ. فَلَمَّا أَخْرَجَ يُوسُفُ بِمِصْرَ الْقَمِيصَ مِنَ التَّمِيمَةِ وَجَدَ يَعْقُوبُ رِيحَهُ، فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ﴾ [يوسف: 94].

فَهُوَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ الَّذِي أُنْزِلَ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ". قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَإِلَى مَنْ صَارَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ؟ فَقَالَ: "إِلَى أَهْلِهِ". ثُمَّ قَالَ: "كُلُّ نَبِيٍّ وَرِثَ عِلْمَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَقَدِ انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَأَهْلِ بَيْتِهِ".

بصائر الدرجات للصفار، ص 209 - 210

 

بحار الأنوار للمجلسي:

(باب سيره وأخلاقه وعدد أصحابه وخصائص زمانه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه وعلى آبائه)

45 - ك: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "أَتَدْرِي مَا كَانَ قَمِيصُ يُوسُفَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ؟" قَالَ: قُلْتُ: لَا.

قَالَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمَّا أُوقِدَتْ لَهُ النَّارُ، نَزَلَ إِلَيْهِ جِبْرَائِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْقَمِيصِ وَأَلْبَسَهُ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَضُرَّهُ مَعَهُ حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ.

فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَهُ فِي تَمِيمَةٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى إِسْحَاقَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَعَلَّقَهُ إِسْحَاقُ عَلَى يَعْقُوبَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَلَمَّا وُلِدَ يُوسُفُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي عَضُدِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.

فَلَمَّا أَخْرَجَهُ يُوسُفُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ التَّمِيمَةِ، وَجَدَ يَعْقُوبُ رِيحَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ﴾ [يوسف: 94]. فَهُوَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ الَّذِي مِنَ الْجَنَّةِ".

قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَإِلَى مَنْ صَارَ هَذَا الْقَمِيصُ؟ قَالَ: "إِلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ مَعَ قَائِمِنَا إِذَا خَرَجَ". ثُمَّ قَالَ: "كُلُّ نَبِيٍّ وَرِثَ عِلْمًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَدِ انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)".

بحار الأنوار للمجلسي، الجزء 52، ص 327 - 328