قضية عصمة الأنبياء من أهم المسائل العقدية التي دار حولها الجدل بين المدارس الإسلامية. فالقرآن الكريم يورد مواقف متعدّدة للأنبياء فيها نسيان أو عتاب أو استغفار، في حين ذهب الشيعة الإمامية إلى تعريف العصمة بأنها: عدم صدور الخطأ أو النسيان أو الغفلة من الأنبياء والأئمة مطلقًا.

 ومن الآيات التي تثير هذا النقاش قول الله تعالى عن موسى (عليه السلام) في سورة الكهف: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ [الكهف: 73]. فهذه الآية صريحة في صدور النسيان، وهو ما يتناقض مع التعريف الشيعي للعصمة. وقد حاول الطباطبائي في الميزان تفسير ذلك، لكنه اعترف صراحة بوقوع النسيان والغفلة، مما يكشف اضطراب المذهب الإمامي في تحديد مفهوم العصمة.

مقالات السقيفة ذات صلة:

 

قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ):

﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ [الكهف: 73].

الآيةُ صَريحةٌ في صُدورِ النِّسيانِ من مُوسى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وهذا مُناقِضٌ لتعريفِ العِصمةِ عندَ الرَّافضةِ، وهو عَدمُ النِّسيانِ.

 قال الطباطبائيُّ في مِيزانِه:

«قوله تعالى: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾، الرَّهَق: الغَشيانُ بالقَهر، والإرهاقُ: التَّكليفُ.

 والمعنى: لا تُؤاخذني بنسياني الوَعدِ وغَفلتي عنه، ولا تُكلِّفني عُسراً من أمري. ورُبَّما يُفسَّر النسيانُ بمعنى التَّرك، والأوَّل أظهر. والكلامُ اعتذارٌ على أيِّ حال».

اهـ. (تفسير الميزان، الطباطبائي، ج 13، ص 344)

فالطَّباطبائيُّ يقول إنَّ مُوسى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَسِيَ وأصابَته الغَفلةُ، وفي كُلِّ هذه الأَشياء دلائلُ واضحةٌ على أنَّ معنى العِصمةِ عندَ الرَّافضةِ غيرُ مُنضبِطٍ، وأنَّهم مُتخبِّطون.