من القضايا التي أثارت جدلاً واسعًا في التراث الشيعي مسألة تفسير بعض الآيات القرآنية بروايات منسوبة إلى الأئمة، ومنها ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: 44]. فقد نقل الكليني في كتابه الكافي رواية تنسب تفسير هذه الآية إلى أن رسول الله ﷺ هو الذكر، وأن أهل بيته هم المسؤولون، وأنهم "أهل الذكر". إلا أن هذه الرواية لم تسلم من النقد حتى من داخل المدرسة الإمامية، حيث وصفها بعض علمائهم بالركاكة وضعف المعنى، ومنهم الخوئي والسبحاني، الذين اعتبروا مضمونها غير مقبول عقلًا ولا نقلًا. وفي هذا المقال نتوقف عند هذه الرواية، نصها، وموقف العلماء منها، مع إبراز الدلالات العقدية المترتبة عليها.

نص الرواية كما ورد:

قال الكليني:

"عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾، فَرَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) الذِّكْرُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ (عليهم السلام) الْمَسْئُولُونَ وَهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ." اهـ

الكافي الكليني – ج 1 ص 211

وقد قال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول: صحيح ج 2 ص 429

نقد العلماء للرواية:

أقول: إن الركاكة في هذه الرواية أدت إلى استهجان الخوئي لها.

مقالات السقيفة ذات صلة:

🔹 الخوئي:

"ثم إن في الكافي – ولا سيما في الروضة – روايات لا يسعنا التصديق بصدورها عن المعصوم عليه السلام، ولا بد من رد علمها إليهم عليهم السلام. والتعرض لها يوجب الخروج عن وضع الكتاب، لكننا نتعرض لواحدة منها ونحيل الباقي إلى الباحثين. فقد روى محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾: فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته المسؤولون وهم أهل الذكر.

أقول: لو كان المراد بالذكر في الآية المباركة رسول الله صلى الله عليه وآله فمن المخاطب؟ ومن المراد من الضمير في قوله تعالى: (لك ولقومك)؟ وكيف يمكن الالتزام بصدور مثل هذا الكلام من المعصوم عليه السلام فضلا عن دعوى القطع بصدوره؟!" اهـ

معجم رجال الحديث الخوئي – ج 1 ص 35

🔹  جعفر السبحاني:

"ولأجل إيقاف القارئ على بعض ما لا يمكن القول بصحته نقلا وعقلا نشير إلى نموذجين:

1- فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: 44] فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته المسؤولون وهم الذكر. 

2-  ولو كان المراد من (الذكر) هو النبي، فمن المخاطب في قوله: (لك) وهو سبحانه يقول: (إنه لذكر لكأي لك أيها النبي. نعم وجود هذه الروايات الشاذة النادرة لا ينقص من عظمة الكتاب وجلالته، وأي كتاب عدا كتاب الله العزيز ليس فيه شيء؟" اهـ

كليات في علم الرجال السبحاني ص 375376