الحمد لله الذي بيده ملكوت كل شيء، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
من المسائل التي يثيرها الشيعة الإمامية ويستدلون بها على صحة اعتقادهم في ما يسمونه "الولاية التكوينية" زعمهم أن أهل السنة يقولون بها ضمناً، وذلك عبر استشهادهم بأقوال بعض علماء السنة في باب الكرامات التي يجريها الله على يد أوليائه. ومن أبرز ما يحتجون به قول الإمام ابن عثيمين رحمه الله في "الكرامات"، حيث ذكر أن الله أحيا فرس صلة بن أشيم، وأن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه عبر البحر مع أصحابه. غير أن هؤلاء القوم عمدوا إلى بتر كلام الشيخ رحمه الله، وتحريف المعنى، فتوهموا أن ما قرره من عقيدة أهل السنة في "الكرامة" هو نفسه القول بالولاية التكوينية. وهذا خلط فاضح بين أمرين متباينين تماماً، إذ أن الكرامة في عقيدة أهل السنة هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد عبده المؤمن لحكمة من عنده، بينما الولاية التكوينية عند الشيعة تعني أن الإمام يتحكم في ذرات الكون بإرادته، فيحيي ويميت ويعلم الغيب متى شاء، وهذا شرك بالله عز وجل.
✦ نص:
كيف تنكرون علينا القول بأن الأئمة يُحيون ويميتون ويخلقون وتنكرون "الولاية التكوينية"؟! وأنتم يا أهل السنة تقولون بها، فقد قال شيخكم العثيمين أن الصحابي العلاء بن الحضرمي عبر على ماء البحر وغيره من الصحابة، وكذلك أنه قال إن صلة بن أشيم أحيا فرسه الذي مات في "فتاوى ابن عثيمين" (ج8/ص126).
الرد عليها:
لقد بتر الرافضي كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين، حيث قال رحمه الله:
"أما الكرامات، فهي جمع كرامة، والكرامة أمر خارق للعادة، يجريه الله تعالى على يد ولي، تأييداً له، أو إعانة، أو تثبيتاً، أو نصراً للدين.
فالرجل الذي أحيا الله تعالى له فرسه، وهو صلة بن أشيم، بعد أن ماتت، حتى وصل إلى أهله، فلما وصل إلى أهله، قال لابنه:
ألق السرج عن الفرس، فإنها عَجْماء! فلما ألقى السرج عنها، سقطت ميتة. فهذه كرامة لهذا الرجل إعانة له.
أما التي لنصرة الإسلام، فمثل الذي جرى للعلاء بن الحضرمي رضي الله عنه في عبور ماء البحر، وكما جرى لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في عبور نهر دجلة، وقصتها مشهورة في التاريخ.
فالكرامة أمر خارق للعادة، أما ما كان على وفق العادة، فليس بكرامة.
وهذا الأمر إنما يجريه الله على يد ولي، احترازاً من أمور السحر والشعوذة، فإنها أمور خارقة للعادة، لكنها تجري على يد غير أولياء الله، بل على يد أعداء الله، فلا تكون هذه كرامة". (انتهى)
فالشيخ ابن عثيمين رحمه الله لم يقل ما ادعاه الرافضي من أن فلاناً يُحيي أو يُميت، بل قال:
"أحيا الله له". فالله وحده هو الذي يحيي ويميت، ويجري الكرامة لعباده المؤمنين. أما الشيعة، فإنهم ينصّون على أن الحياة والموت بيد الإمام، يجريها الإمام متى شاء، والعياذ بالله!
الفروق الجوهرية بين الكرامة والولاية التكوينية:
1- في حقيقتها ومصدرها:
• الولاية التكوينية عند الشيعة تعني ولاية الإمام على جميع ذرات الكون، فيتصرف بها كيف شاء، وهذا باطل لأنه صفة من صفات الله وحده.
• أما الكرامة فهي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد عبده المؤمن لحكمة ووقت معين، فهي من الله وليست من الولي.
2- في الإطلاق والتقييد:
• الولاية التكوينية عند الإثني عشرية مطلقة، يجريها الإمام متى شاء وأينما شاء وعلى جميع ذرات الكون.
• أما الكرامة فهي محدودة بوقت معين ومكان معين، لا يملكها العبد بل يكرمه الله بها.
3- في السلطة والإرادة:
• الولاية التكوينية قائمة على اختيار الإمام، فإن شاء أحيا، وإن شاء أمات، وإن شاء علم الغيب، فهو عندهم "رب مع الله" والعياذ بالله.
• أما الكرامة فهي بإرادة الله وحده، إن شاء أجراها لعبده أكرمه بها، وإن شاء لم يجرها.
وقد صحح علماء الشيعة أنفسهم هذا الباطل، حيث جاء في "بصائر الدرجات" لمحمد بن الحسن الصفار (ص147):
"باب في علم الأئمة بما في السماوات والأرض والجنة والنار وما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة".
وهذا النص يوضح أنهم يثبتون للأئمة علماً غيبياً مطلقاً على نحو ما يثبت لله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 335:
(2) باب في الامام بانه ان شاء ان يعلم العلم علم ولنرى شيء من الولاية التكوينية في أحد كتب الشيعة المعتمدة بتصفح أبوابه:
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص210 :
(5) باب في الأئمة علهيم السلام عندهم الصحيفة التى فيها اسماء اهل الجنة واسماء اهل النار
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 219:
(9) باب في الائمة عليهم السلام انه جرى لهم ما جرى لرسول الله انهم امناؤ الله على خلقه واركان الارض و امناء الله على ما هبط من علم أو عذر أو نذر والحجة البالغة على مافى الارض وانهم قد اعطوا علم المنايا البلايا والوصايا وفصل الخطاب والعصار والميسم
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 240:
(3) باب ما يلقى إلى الائمة في ليلة القدر مما يكون في تلك السنة ونزول الملائكة عليهم.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 249:
(6) باب في ان الائمة عليهم السلام افضل من موسى والخضر عليهما السلام .
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 251:
(7) باب في انهم يخاطبون ويسمعون الصوت ويأتهم صور اعظم من جبرئيل وميكائيل
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 253:
مقالات السقيفة ذات صلة |
رواية: سماك بن حرب نزل إلى الفرات وأغمس رأسه فردّ بصره |
(8) باب في الامام انه ترايا له جبرئيل وميكائيل و ملك الموت
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 254:
(9) باب ما يلهم الامام ما ليس في الكتاب والسنة من المعضلات.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 255:
(10) ) باب في الائمة انهم يعرفون الاضمار وحديث النفس قبل ان يخبروا به
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 262:
(11) باب في الائمة انهم يخبرون شيعتهم بافعالهم وسرهم وافعال غيبهم وهم غيب عنهم
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 262:
(11) باب في الائمة انهم يخبرون شيعتهم بافعالهم وسرهم وافعال غيبهم وهم غيب عنهم
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 278:
(15) باب في الائمة من آل محمد ع انهم إذا ظهروا حكموا بحكومة آل داود ع
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 280:
(16) باب في قول الائمة عليهم السلام لشيعتهم لو كان على افواههم اوكية وكتموا على أنفسهم لأخبروهم بجميع ما يصيبهم من المنايا والبلايا وغيره .
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 282:
الجزء السادس
(1) باب في الائمة عليهم السلام انهم يعرفون اجال شيعتهم وسبب ما يصيبهم
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 289:
(3) باب في الائمة عليهم السلام انهم يحيون الموتى ويبرؤن الاكمه والابرص بإذن الله.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 335:
(2) باب في الامام بانه ان شاء ان يعلم العلم علم
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 353:
(11) باب في الائمة عليهم السلام انهم يتكلمون الالسن كلها.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 361:
(14) باب في الائمة انهم يعرفون منطق الطير .
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 367:
(15) باب في الائمة عليهم السلام انهم يعرفون منطق البهائم ويعرفونهم ويجيبونهم إذا دعوهم .
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 410:
(8) باب في الامام انه يعرف شيعته من عدوه بالطينة التى خلقوا فيها بوجوههم واسمائهم.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 430:
(16) باب في امير المؤمنين ان الله تعالى ناجاه بالطايف وغيرها ونزل بينهما جبرئيل
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 455:
(9) باب في الامام يرفع له في كل بلد منار وينظر فيه إلى اعمال العباد .
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 471:
(15) باب في الائمة ع ان روح القدس يتلقاهم إذ احتاجوا إليه .
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 447:
(5) باب عرض الاعمال على الائمة الاحياء والاموات.
- بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 500:
(9) باب في الأئمة إنهم يعرفون متى يموتون ويعلمون ذلك قبل أن يأتيهم الموت
✦ الخلاصة:
يتضح جلياً أن ما يعتقده أهل السنة والجماعة في الكرامات لا يمت بصلة إلى ما يدعيه الشيعة من "الولاية التكوينية". فالكرامة فعل رباني خالص يجريه الله على يد ولي من أوليائه، أما الولاية التكوينية فهي اعتقاد شركي يجعل الإمام شريكاً لله في صفاته وأفعاله. وما نسبه الشيعة إلى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما هو إلا بتر وتحريف يراد به إلزام أهل السنة بما لا يقولون به.