علم الرجال من أعمدة علوم الحديث التي حفظ الله بها سنة نبيه ﷺ، فهو الميزان الدقيق الذي يُعرف به حال الرواة، وبه يتميز الصحيح من السقيم. ومن أبرز الشخصيات التي نُقلت فيها أقوال متباينة بين النقاد: حريز بن عثمان الرحبي الحمصي. فقد أثنى عليه كثير من أهل العلم في الضبط والإتقان، واعتبروه من أوثق رواة الشام، بينما وردت أخبار عن كونه كان يُنسب إلى بعض المواقف تجاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه. إلا أن التمحيص العلمي يبين أن ما نسب إليه من مواقف لا يثبت بدليل، وأن كبار المحدثين كالـبخاري وابن أبي حاتم وغيرهما قد صرحوا بأنه ترك ذلك، وأنه لم يكن معروفًا بالسب أو الطعن، بل بالثقة والإتقان. وهذا يعكس دقة منهج أهل السنة في التمييز بين الراوي وضبطه، وبين ما قد ينسب إليه بغير حجة صحيحة.

🔹 النصوص المنقولة في ترجمته:

التاريخ الكبير للبخاري (3/103)::

هو أبو عثمان الحمصي الرحبي، عن راشد بن سعد. سمع منه الحكم بن نافع، وقال محمد بن المثنى: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا أبو عثمان، ولا أعلم أني رأيت أحدًا من أهل الشام أفضله عليه. وقال أبو اليمان: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك ذلك. وقال يزيد بن عبد ربه: مات حريز سنة ثلاث وستين ومائة، ومولده سنة ثمانين.

 وهذا تصريح من البخاري بأنه ترك الطعن، وفي الغالب يقصد به علي بن أبي طالب رضي الله عنه

 الجرح والتعديل لابن أبي حاتم :(3/289):

حريز بن عثمان حسن الحديث، ولم يصح عندي ما يقال في رأيه، ولا أعلم بالشام أثبت منه. هو أثبت من صفوان بن عمرو وأبي بكر بن أبي مريم، وهو ثقة متقن.

ميزان الاعتدال للذهبي (1/475)::

قال الفلاس: كان ينال من علي، وكان حافظًا لحديثه.

وقال أبو حاتم: لا أعلم بالشام أثبت منه.

وقال أبو اليمان: كان يتناول رجلًا ثم ترك.

وقال أحمد بن سليمان الرهاوي: سمعت يزيد بن هارون، وقيل له: كان حريز يقول: لا أحب عليًا رضي الله عنه، قتل آبائي يعني يوم صفين فقال: لم أسمع هذا منه، كان يقول: لنا إمامنا ولكم إمامكم يعني معاوية وعليًا.
وقال عمران بن أبان: سمعت حريز بن عثمان يقول: لا أحبه، قتل آبائي.

وقال شبابة: سمعت رجلًا قال لحريز بن عثمان: بلغني أنك لا تترحم على علي. فقال: اسكت، ثم التفت إليَّ، فقال: رحمه الله مائة مرة.

وقال علي بن عياش: سمعت حريزًا يقول: والله ما سببت عليًا قط.