مكانة معاوية عند علماء أهل السنة والجماعة:
قال الربيع بن نافع:
(معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه).
سئل النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
(إنما الإسلام كدار لها باب فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، فمن أراد معاوية إنما أراد الصحابة).
قال المعافى بن عمران:
(معاوية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره وكاتبه وأمينه على وحي ربه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
قال عبد الله بن المبارك:
(معاوية عندنا محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزرا اِتهمناه على القوم) يعني الصحابة.
قال إبراهيم بن ميسرة:
(ما رأيت عمر بن عبد العزيز جلد إنسانا قط إلا إنسانا شتم معاوية).
فهذه بعض أقوال علماء السنة المتقدمين في خال المؤمنين وصهر سيد المرسلين.
بعض الكتب المؤلفة في بيان فضائل معاوية رضوان الله عليه:
١- أخبار معاوية لابن أبي الدنيا. (توفي سنة 281)
٢- جزء فيه حِلم معاوية لابن أبي الدنيا أيضا.
٣- جزء في فضائل معاوية بن أبي سفيان لأبي بكر بن أبي العاصم. (توفي سنة 287).
٤- جزء في فضائل معاوية للغوي المحدِّث أبي عمر البغدادي المعروف بغلام ثعلب.(توفي سنة 345).
٥- جزء في فضائل معاوية للمفسر وشيخ القراء أبي بكر الموصلي (توفي سنة 351).
٦- جزء في فضائل معاوية للمحدِّث أبي الفتح البغدادي. توفي سنة (٣٨٥).
٧- شرح عقد الإيمان في معاوية بن أبي سفيان وذِكر ما ورد من فضائله ومناقبه لأبي علي الأهوازي. توفي سنة (٤٤٦).
٨- تنزيه خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان عن الظلم والفسق في مطالبة دم أمير المؤمنين عثمان لأبي يعلى الفراء (توفي سنة ٤٥٨).
٩- تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان لابن حجر الهيتمي (توفي سنة ٩٧٤).
١٠- الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية لأبي عبد الرحمن الملتانيِّ. توفي سنة (١٢٣٩).
١١- الأحاديث النبوية في فضائل معاوية لمحمد الأمين الشنقيطي. توفي سنة (١٣٩٣) وهو مطبوع مع هامش بعنوان "منحة ذي الجلال في التعليق على فضائل معاوية بن أبي سفيان وإبطال حجج الرافضة وأهل الضلال لعمرو عبد المنعم سليم".
١٢- معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين كشف شبهات ورد مفتريات. للأستاذ شحاته محمد صقر.
وغيرها كثير تركناه خشية الإطالة.
ثناء الصحابة وآل البيت عليه من كتب السنة والشيعة:
١- ثناء علي ابن أبي طالب عليه وقت الفتنة والاقتتال حيث قال: (قتلاي وقتلى معاوية في الجنة) أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
٢- قال ابن عباس: (ما رأيت رجلا كان أخلق للملك من معاوية) أخرجه معمر في جامعه بسند صحيح
٣- قال عروة: (لم أسمع المسور رضي الله عنه ذكر معاوية إلا صلى عليه) أخرجه معمر في جامعه وابن سعد في الطبقات وصححه كثير من العلماء منهم ابن عبد البر في الاستيعاب.
٤- روى عنه ثلاث وعشرون صحابيا أحاديث كثيرة صحيحة منها في الصحيحين مما يدل على عدالته عندهم.
ومن كتب الشيعة:
1- الحسن بن علي يقول وبالقسم: (أرى والله معاوية خيرا لي من هؤلاء...)([1])
٢- علي ابن أبي طالب: (كان بدء أمرنا أنَّا التقينا والقوم من أهل الشام والظاهر أن ربنا واحد ودعوتنا في الإسلام واحدة لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، والأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، ونحن منه براء)([2]).
وأيضا عن جعفر عن أبيه أن عليا قال: "إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولا على التكفير لنا، وإنما رأينا رأيا ورأوا رأيا"([3]).
إسلام معاوية:
أسلم معاوية رضي الله عنه يوم الحديبية وكتم إيمانه عن أبويه وأظهره يوم الفتح.
وليس كما يظن الظانون أنه تأخر إسلامه إلى يوم الفتح وأنه كان ممّن قيل فيهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) فعلى فرض صحة هذه المقولة مع أنه لا ذم فيها، فإنها لا تشمل معاوية لأنه أسلم قبل الفتح.
وقد روى الإمام أحمد من طريق محمد الباقر رضي الله عنه أن معاوية قال: (قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة)([4])
وفي هذا دليلان:
1: النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر عند المروة إلا في العمرة، ولو كان قد تأخر إسلامه إلى فتح مكة فإنه ما كان سيدرك مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا حجة الوداع وفي حجة الوداع حلق الرسول بمنى إجماعا وليس عند المروة.
2: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصر في حجة الوداع أصلا لا بمنى ولا بمكة فتعين أن ذلك التقصير كان في العمرة.
فإن قيل: هي عمرة الجعرانة المتأخرة.
قلنا: عمرة الجعرانة كانت ليلا سرا لم يعلمها أغلب الصحابة لذلك منهم من أنكرها ولم يكن معاوية حاضرا فيها ولا عالما بها.
فإن قيل: كونه أسلم وكتم إسلامه ولم يهاجر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يُظهر إيمانه إلا يوم الفتح فيه نقص له واستحق أن يشمله حديث (فأنتم الطلقاء) على فرض صحته وأن فيه ذما.
قلنا: يلزم من ذلك التنقيص من العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم. فإنه على الصحيح أسلم يوم بدر وكتم إسلامه إلى فتح مكة أيضا. فيلزمه ذلك، بل هو أولى به، فبيْن بدر والفتح ست سنوات، أما الحديبية والفتح فسنة واحدة فقط.
ثم إن معاوية كان يهم بالهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأبواه يهددانه حتى قالت أمه: (إنْ هَاجر قطعنا عنه النفقة)([5]) فقد كانت تعلم بنيته رغم كتمانه.
فمعاوية من السابقين الأولين.
تتمة المقدمة الخامسة:
ذكرنا وأثبتنا في المقدمة السادسة أن معاوية رضوان الله عليه أسلم قبل الفتح في غزوة الحديبية، مما يجعله من السابقين الذين آمنوا وأنفقوا من قبل الفتح، ويجعله غير مشمول في الحديث المنكر الضعيف (اذهبوا فأنتم الطلقاء) فإنه ورغم كونه لا ذم فيه فإنه قيل في مسلمة الفتح ومعاوية ليس منهم.
وتتميما للفائدة والمقدمة نجيب عما يمكن الإعتراض به فنقول:
إن قيل: إن معاوية شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم مئة بعير وأربعين أوقية من ذهب، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم عند ذلك. وهذا دليل أنه لم يكن مسلما قبلها.
قلنا في الجواب:
1: لم يأت دليل واحد أنه كان من المؤلفة قلوبهم عند ذلك، وكل من ذكر كلمة "المؤلفة قلوبهم" ربطها بأبي معاوية وهو لم يكن مسلما.
2: وأيضا فإن مجرد إعطائه من الغنائم لا يدل على التأليف، فقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس من النقد الذي جاء من البحرين ما أطاق حمله وكان ذلك بعد الفتح، وهذا لا يعني أن العباس كان من المؤلفة قلوبهم بل إنه أسلم قبلها بست سنوات وكتم إيمانه، وكذلك معاوية رضي الله عنهم جميعا.
3: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى معاوية زيادة لتأليف أبيه لا لتأليفه هو، فهو مسلم، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)([6])، فأبوه من كان من المؤلفة ثم حسُن إسلامه بعدها، وقد رُويت أحاديث كثيرة تدل على حسن إسلام أبي معاوية ليس هذا موطن ذكرها.
([1]) "الاحتجاج في معرفة حجج الله على العباد ج2ص10".
([2]) "نهج البلاغة 543"
([3]) "قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر القمي في حديث برقم 312 من الصفحة 133 في الطبعة الأولى بدار النشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث وهي من حققت الكتاب"
([4]) رواه الإمام أحمد (4/97)
([5]) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق (59/67) من حديث عمرو بن عبد الله العنسي
([6]) رواه مسلم (84/1780) من حديث أبي هريرة t