يعتقد الشيعة أن أئمتهم قد عصموا من جميع الأخطاء والذنوب ما ظهر منها وما بطن ومن السهو والنسيان منذ ولادتهم حتى وفاتهم.
ولكن حين نتصفح كتبهم نجد أن أئمتهم ينكرون هذه العصمة التي لا تليق إلا بالله عز وجل ويتبرأؤن منها ويقرون بالذنب والسهو ويطلبون المغفرة من الله.
فهل نصدق الشيعة أم أئمتهم؟
فهذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقر بأنه بشر عرضة للخطأ والنسيان حيث يقول:
" لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام النفس، بأنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي" [نهج البلاغة شرح محمد عبده ص412-413، شرح أبي الحديد ج11ص102]
ويدعو ربه أن يغفر له ذنوبه وزلاته: " اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني فإن عدت فعد علي بالمغفرة، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاء عندي، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي، اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وسهوات الجنان وهفوات اللسان". [نهج البلاغة شرح أبي الحديد ج6 ص176]
ومن دعائه رضي الله عنه وإقراره لربه بالخطأ وطلب المغفرة منه: " إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك، إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي " . [أمالي الصدوق، 48 البحار، 41/11،12 المناقب، 2/124]
ولا يدعي علم الغيب سئل: كم تتصدق؟ كم تخرج مالك؟ ألا تمسك؟ قال: "إني والله لو أعلم أن الله تعالى قبل مني فرضا واحدا لأمسكت، ولكني لا أدري أقبل سبحانه مني شيئا أم لا " [بحار الأنوار، 41/138، 71/191]
وينفي العصمة أيضا عن ولده الحسن رضي الله عنهما عندما أوصاه بقوله: " فإن أشكل عليك من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنك أول ما خلقت جاهلا ثم علمت وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك". [نهج البلاغة شرح محمد عبده 2/578 ط مؤسسة المعارف بيروت]
ونجد الإمام علي بن الحسين زين العابدين يدعو بهذا الدعاء: " الهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة وكل طرفة عين سرمد الأبد بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين، لكنت مقصراً في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك علي،ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنـيـابـي، وحـرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والأرضين دماً وصـديـداً، لـكـان ذلك قليلاً في كثير ما يجب من حقك علي، ولو أنك الهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الـخـلائق أجمعين،وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملأت جهنم وأطباقها مني حتى لا يكون في النار معذب غيري، ولا يكون لجهنم حطب سواي، لكان ذلك بعدلك علي قليلاً في كثير ما استوجبته من عقوبتك " [أمالي الصدوق المجلس 60 بحار الانوار 94: 90/2]
وكان الإمام جعفر الصادق يدعو بهذا الدعاء: " الهي كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفت حبك في قلبي وعيناً بالرجاء ممدودة، مولاي أنت عظيم العظماء، وأنا أسير الأسراء، أنا أسير بذنبي، مرتهن بجرمي، الـهي لئن طالبتني بذنبي لأطالبنك بكرمك، ولئن طالبتني بجريرتي لأطالبنك بعفوك، ولئن أمرت بي إلى الـنـار لأخـبـرن أهلها أني كنت أقول: لا اله إلا اللّه، محمد رسول اللّه، اللهم إن الطاعة تـسـرك، والـمـعـصـيـة لا تـضـرك، فـهـب لـي مـا يـسـرك، واغـفـر لـي مـا لا يـضرك، يا ارحم الراحمين ". [آمالي الصدوق المجلس 57 بحار الانوار 94: 92/5]
وقيل للإمام الرضا وهو الإمام الثامن من الأئمة المعصومين عند الشيعة: إن في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقع عليه السهو في صلاته، فقال: "كذبوا - لعنهم الله - إن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو". [بحار الأنوار ج25/350]
وكان الإمام أبو الحسن موسى الكاظم يدعو فيقول:" رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئت لأكمهتني، وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني ". [بحار الأنوار 25/203]