لطالما حاولت الفرقة الضالّة المعروفة بالشيعة السبئية أن تُحمِّل الصحابةَ الكرام، وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطلحة والزبير رضي الله عنهما، مسؤوليةَ إشعال نار الفتنة في موقعة الجمل، مستندين إلى روايات باطلة وموضوعة، صُنعت لتشويه صورة خيرة الأمة.

لكن عند الرجوع إلى أمهات كتب التاريخ الإسلامي الموثوقة - كـ تاريخ الطبري والبداية والنهاية - نجد الحقائقَ جليةً واضحةً، تُبيِّن أن السبب الحقيقي في اندلاع القتال كان تدبيرَ السبئية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي، الذين تسللوا إلى جيش عليٍّ رضي الله عنه، وأشعلوا القتال ليفسدوا الصلح الذي كان وشيكًا بين الفريقين.

وهذه الدراسة الموثقة تُظهر أن عليًّا وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، كانوا يسعون إلى حقن الدماء، وأن من أشعل الحرب هم أولئك المندسون الذين أفسدوا بين المسلمين عمدًا، تحقيقًا لمخططٍ يهدف إلى تمزيق صف الأمة.

روايات موثقة من كتب التاريخ

🟦 السبئيون وراء إشعال الفتنة في موقعة الجمل:

جاء في البداية والنهاية لابن كثير :(7/265–267):

ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس. فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كالاشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء، وسالم بن ثعلبة، وغلاب بن الهيثم، وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد.

فقالوا: ما هذا الرأي؟ وعليٌّ والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غدًا يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم؟

فقال الأشتر:

 قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلى اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم فإنما اصطلحوا على دمائنا، فإن كان الأمر هكذا ألحقنا عليًّا بعثمان. فرضي القوم منا بالسكوت، فقال ابن السوداء: بئس ما رأيت، لو قتلناه قتلنا، فإنا يا معشر قتلة عثمان في ألفين وخمسمائة وطلحة والزبير وأصحابهما في خمسة آلاف، ولا طاقة لكم بهم، وهم إنما يريدونكم.

فقال غلاب بن الهيثم:

دعوهم وارجعوا بنا حتى نتعلق ببعض البلاد فنمتنع بها. فقال ابن السوداء: بئس ما قلت، إذا والله كان يتخطفكم الناس. ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عِيرَكم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فأنشبوا الحرب والقتال بين الناس ولا تدعوهم يجتمعون، فمن أنتم معه لا يجد بدًّا من أن يمتنع، ويشغل الله طلحة والزبير ومن معهما عما يحبون، ويأتيهم ما يكرهون، فأبصروا الرأي وتفرقوا عليه.

فأرسلا إليه في جواب رسالته: إنا على ما فارقنا القعقاع بن عمرو من الصلح بين الناس، فاطمأنت النفوس وسكنت، واجتمع كل فريق بأصحابه من الجيشين. فلما أمسوا بعث علي عبد الله بن عباس إليهم، وبعثوا إليه محمد بن طليحة السجاد، وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغَلَس.

البداية والنهاية (7/265–267)رابط المصدر

🟥 بداية القتال في موقعة الجمل:

فنهضوا من قبل طلوع الفجر وهم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباته فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا. وظنوا أن هذا عن مَلاٍّ من أصحاب عليٍّ، فبلغ الأمر عليًّا فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة.
فثار كل فريق إلى سلاحه ولبسوا اللأمة وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا.

وقامت الحرب على ساقٍ وقدم، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي عليٍّ ينادي: «ألا كفّوا، ألا كفّوا»، فلا يسمع أحد. وجاء كعب بن سوار قاضي البصرة فقال: يا أم المؤمنين أدركي الناس لعل الله أن يُصلح بك بين الناس، فجلست في هودجها فوق بعيرها وستروا الهودج بالدروع.

البداية والنهاية  (7/266–267)رابط المصدر

🟧 عائشة رضي الله عنها تحاول إيقاف الحرب بعد اندلاعها:

قال الطبري في تاريخ الأمم والملوك (3/523):

((وقالت عائشة: خلِّ يا كعب عن البعير، وتقدّم بكتاب الله عزّ وجل فادعهم إليه، ودفعت إليه مصحفاً. وأقبل القوم وأمامهم السبئية يخافون أن يجري الصلح، فاستقبلهم كعب بالمصحف، وعليٌّ من خلفهم يزعهم ويأبون إلا إقدامًا، فلما دعاهم كعب رشَقوه رشْقًا واحدًا فقتلوه، ورموا عائشة في هودجها، فجعلت تنادي: يا بنيَّ، البقيَّة البقيَّة، ويعلو صوتها كثرةً، اللهَ اللهَ، اذكروا اللهَ عز وجلَّ والحساب، فيأبون إلا إقدامًا.

فكان أوّل شيء أحدثته حين أبَوْا قالت: أيها الناس، العنوا قتلة عثمان وأشياعهم، وأقبلت تدعو، وضجّ أهل البصرة بالدعاء. وسمع علي بن أبي طالب الدعاة فقال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: عائشة تدعو ويدعون معها على قتلة عثمان وأشياعهم، فأقبل يدعو ويقول: اللهم العن قتلة عثمان وأشياعهم)).

تاريخ الأمم والملوك للطبري (3/523) رابط المصدر

وقال ابن كثير في البداية والنهاية (7/270):

ذكر في الحاشية رقم (1) أن الذي قتل كعبًا هو الأشتر النخعي. رابط المصدر

🟨 الحقيقة الكاملة: المؤامرة السبئية وراء كل الفتنة:

إن مراجعة النصوص السابقة تكشف أن عليًّا رضي الله عنه لم يكن يريد قتال طلحة والزبير ولا عائشة رضي الله عنهم، بل دعاهم إلى الصلح وأرسل إليهم ابن عباس، ووافقوا على الهدنة، ولكن السبئية – أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي – خططوا لنسف هذا الصلح حتى لا يُكشف أمرهم وتُقام عليهم الحجة.

لقد دبّر هؤلاء المندسون مكيدةً أفضت إلى فتنةٍ عظيمةٍ أُريقت فيها دماء المسلمين، وكانت تلك الحادثة أولى نتائج الفكر السبئي الذي تسلل إلى الأمة لزرع الانقسام والبغضاء.