موقف الحسين من الفتنة (هل خروج الحسين على معاوية كان خاص بموت الحسن أم خروجه كان أمر من الله)
يُعدّ موقف الحسين بن علي رضي الله عنهما من أبرز المواقف التي تكشف عن وعيه العميق بمسؤولية الكلمة وسلامة الأمة. فعلى عكس ما تروّجه الفرقة الضالة الشيعة الاثنا عشرية، لم يكن الحسين داعية فتنة ولا طالبَ سلطة، بل كان حريصًا على وحدة المسلمين وحقن دمائهم، رافضًا أن تكون خلافة المسلمين ميدانًا للصراع والاقتتال. لقد أثبتت رسائله، ومنها كتابه إلى عبيد الله بن زياد، أنه كان ينطلق من منطلقٍ شرعيٍّ واضح، قائمٍ على النصح والإصلاح، لا على الخروج والعصيان. لكن الشيعة، في تحريفهم لسيرته، صوّروا هذا الموقف النبيل وكأنه تمهيد للثورة، فحوّلوا دعوته إلى الإصلاح إلى شعارٍ دمويٍّ، وبدّلوا الحكمة بالجزع، والعقل بالغلوّ، ليجعلوا من مأساة الحسين وسيلة لتغذية الكراهية المذهبية باسم الولاء
من كتاب مقتل الحسين ومصرع اهل بيته وأصحابه المشتهر بمقتل ابي مخنف صــ11
ثم صار الناس يقولون:
إنّ هلاك معاوية لعنه الله يبعث بالحسين (عليه السلام)، فكتبوا وصاروا يختلفون إليه، ولا يتظلمون عنه.
فبلغ ذلك معاوية، فكتب إلى ابن زياد كتابًا يقول فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإنّه بلغني عنك أمرٌ إن كنتَ فعلتَه فقد أسخطتَ ربَّك، وأغرَيتَ عدوَّك، وخالفتَ سُنّةَ أئمتك. بلغني أنّ رجالًا من أهل الكوفة يختلفون إلى الحسين بن علي، وقد كتبوا إليه يدعونه إلى الخلافة، وقد بلغني أنّك لا تذكره بشيءٍ من ذلك، ولا تعاقب من أتى إليك منهم. فاحذر يا ابن زياد أن تفعل شيئًا يُخالف أمري، والسلام.
قال: وكتب الحسين (عليه السلام) كتابًا يقول فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من أمر معاوية، وما أمر به من الفتنة، فليس من رأيي سفك الدماء، ولا شقّ عصا المسلمين. فإن رأيتَ أن تدعَ الناس وما اختاروا لأنفسهم، وتكفَّ عنهم أذاك، كان خيرًا لك في دنياك وآخرتك، والسلام على من اتبع الهدى.
