الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في رحلة تأملية مع كتاب «لماذا لم أتشيع؟» للدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب، نقف عند محطة عقدية خطيرة تشكّل ركنًا أساسيًّا من أركان الفكر الشيعي الإمامي، وهي عقيدة التَّقِيَّة، التي يصفها فقهاؤهم بأنها "تسعة أعشار الدين".

لكن ما المقصود بالتقية؟ وما أبعادها في المذهب؟ وهل فعلاً يمكن اعتبارها مبدأ دينيًّا يُشرعن الكذب وإخفاء العقيدة؟ وهل تستعمل فقط للحماية أم تخدم أيضًا أجندات مذهبية وسياسية؟ هذا ما سنكشفه تفصيلًا.

مفهوم التَّقِيَّة عند الشيعة الإمامية:

يعرفها شيخهم "المفيد" بأنها:

 "كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" [تصحيح اعتقادات الإمامية، ص137].

وفي "الكافي"، أحد أهم مصادرهم، جاء عن أبي عبدالله قوله:

"إن تسعة أعشار الدين في التَّقِيَّة، ولا دين لمن لا تقيَّة له" [الكافي، 2/133].

وبناءً على هذه الروايات، تُصبح التقيَّة ليست فقط وسيلة حماية في حالات الخطر، بل منهجًا عقديًّا يُمارس بشكل دائم، حتى في الفتاوى والنصوص الدينية.

بل إنهم يجيزون الكذب على المخالفين، والصلاة خلف من يرونه كافرًا، بل وتبديل الأقوال والأحكام بحجة التَّقِيَّة، مما يجعل من الصعب معرفة معتقدهم الحقيقي، فهم يبررون التناقض بقولهم: "قال الإمام ذلك تقيَّة".

التَّقِيَّة كأداة سياسية ومذهبية:

ليست التقيَّة عندهم مجرد وسيلة فردية للحماية، بل تُوظَّف لتغطية أهداف كبرى، كالتدرج في نشر الفكر، والتسلل داخل المجتمعات السنية، والتأثير في القرارات السياسية.

فقد تكون التقيَّة بإنكار القول بتحريف القرآن علنًا، بينما يصرّح علماء كبار منهم – مثل الفيض الكاشاني – بأن القرآن محرّف، وفيه نقص واضح، وخاصة آيات تتعلق بفضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قال الكاشاني في تفسيره "الصافي":

"إن القرآن الموجود بين أيدينا ليس بتمامه كما أنزل، ومنه ما هو مغيّر ومحرف، وقد حُذف منه أشياء كثيرة، منها اسم علي في كثير من المواضع" [تفسير الصافي، 1/49].

صور التَّقِيَّة في التطبيق العملي:

التقيَّة تتنوع بين:

  • إخفاء الأسماء: مثل قولهم "الأول والثاني والثالث" بدلًا من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، بل يسمونهم "زُريق وحبتر" تهكمًا وتقليلًا.
  • تحريف المطبوعات: حذف كلمات ومصطلحات أو تعديلها بين الطبعات، كما في كتاب "بحار الأنوار"، حيث تم تغيير "حبتر وزريق كنايتان عن الأول والثاني" إلى "كنايتان عن الملعونين" في طبعة أخرى.
  • العبث بالكتب: كحذف أجزاء ضخمة من كتب مثل "تقريب المعارف" أو عدم طباعة كتب كاملة كـ"فصل الخطاب في تحريف الكتاب"، الذي ينسب لله تعالى النقص في القرآن!، أو تأخير طباعة مجلدات بحار الأنوار لاحتوائها على طعن صريح في الصحابة.
  • الإيهام بالاتفاق مع أهل السنة: في المساجد والبرامج المشتركة، يصدر من علمائهم عبارات توحي بالتقارب، بينما في كتبهم يلعنون الصحابة ويسمّونهم "اللصوص" ويضعون كتبًا بعنوان "شوارق النصوص في تكذيب فضائل اللصوص".

خاتمة:

إن التقيَّة عند الشيعة الإمامية ليست حالة اضطرار، بل منهج عقدي مستمر، يُستخدم للتضليل وتبرير الكذب والتناقض، وهي أداة تُضرب بها وحدة المسلمين في مقتل.

فهل يمكن أن نثق بمن يجعل الكذب دينًا، ويخفي ما يعتقده؟!

لقد عرض الدكتور أحمد النقيب في هذا الفصل من كتابه الحاسم "لماذا لم أتشيع؟" أدلة واضحة، من كتبهم، تكشف خطورة هذا المعتقد وأثره على الإسلام وأهله.

وفي المقال القادم، نختتم هذه السلسلة من كشف الحقائق، مع فصل: "موقف الشيعة الإمامية من أهل الإسلام".

المصادر:

  • الكليني: الكافي (2/133، 2/135)
  • المفيد: تصحيح اعتقادات الإمامية، ص137
  • الفيض الكاشاني: تفسير الصافي (1/49)
  • المجلسي: بحار الأنوار (30/145، 35/208)
  • أبو الصلاح الحلبي: تقريب المعارف، تحقيق الحسون
  • آغا بزرك الطهراني: الذريعة إلى تصانيف الشيعة (10/220)
  • شوارق النصوص، تحقيق طاهر السلامي
  • الذريعة، طبقات أعلام الشيعة