يُعَدّ حديث «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها بين أهل السنة والشيعة، وهو من النصوص التي يستشهد بها الشيعة الإمامية لإثبات أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة بعد النبي ﷺ مباشرة. غير أن الفهم الصحيح للحديث يتطلب النظر إلى سبب وروده وسياقه التاريخي، مع المقارنة بين منزلة هارون من موسى، والمنزلة التي أشار إليها النبي ﷺ لعلي رضي الله عنه في تلك الحادثة، دون تحميل النص ما لا يحتمل من دلالات سياسية أو عقدية .

من مواضيع السقيفة:

رواية الشاب الأمرد في كتب الشيعة

الرد على منكري نفي رؤية الله سبحانه وتعالى

كشف افتراءات الرافضة التفريق بين السنة والوهابية

قال الامام البخاري:

 

 

" 4416 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَالَ: «أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي»، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ مُصْعَبًا "

صحيح البخاري - بَابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ غَزْوَةُ العُسْرَةِ ج 6 ص 3

ووردت هذه الرواية في كتب الامامية حيث قال الطوسي :

" 616 / 63 - حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، قال : أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ،  قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي ( عليه السلام ) ثلاثا ، فلان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي ، وخلفه في بعض مغازيه ، فقال : يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أما ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ ...."

الأمالي - الطوسي - ص 306 307

يحتج الامامية كثيرا بهذا الحديث النبوي الشريف على اهل السنة، ويقولون بما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اثبت لعلي رضي الله عنه المنزلة العظيمة منه، وشبهها بمنزلة هارون من موسى فيلزم من هذا ان يكون علي رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم.

وللاجابة على الامامية، وتبيين معنى الحديث النبوي الشريف اقول:

ان الحديث النبوي الشريف فضيلة لعلي رضي الله عنه، ولا نشك بهذا، ولكن لا تلازم بين الفضائل، وبين جعل الشخص خليفة على المسلمين، ولو قرأنا الحديث النبوي الشريف بتجرد، وابتعدنا عن الهوى لرأينا ان الحديث قد ورد لسبب معين الا وهو لحاق علي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه واله وسلم وشكواه من بقائه مع الصبيان، والنساء وعدم ذهابه مع النبي صلى الله عليه واله وسلم في الجهاد، فاخبره النبي صلى الله عليه واله وسلم بأن استخلافه على المدينة لحماية الصبيان، والنساء يشبه استخلاف موسى عليه السلام لاخيه هارون على قومه عندما ذهب للقاء ربه، كما قال تعالى : ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف: 142]، واستخلاف موسى عليه السلام لهارون كان في وقت ذهاب موسى عليه السلام، فلما رجع موسى عليه السلام انتهت خلافة هارون عليه السلام، وكذلك كان الحال بالنسبة لعلي رضي الله عنه .

اعتراف الرافضة في كتبهم ان هارون لم يكن وصي موسى :

وروى الكليني في الصحيح عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال لما قبض أمير المؤمنين عليه السلام قام الحسن بن علي عليهما السلام في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمَّ قال : أيها الناس إنه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون أنه كان لصاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل لا ينثني ( أي لا يرجع ) حتى يفتح الله له والله ما ترك بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأهله والله لقد قبض في الليلة التي قبض فيها وصي موسى يوشع بن نون والليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم والليلة التي نزل فيها القرآن .

روضة المتقين ج 5 ص 423

30 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال :

 حدثنا منصور بن عبد الله ابن إبراهيم الأصبهاني قال حدثنا علي بن عبد الله الإسكندراني قال حدثنا سعد بن عثمان قال حدثنا محمد بن أبي القاسم قال حدثنا عباد بن يعقوب قال أخبرنا علي بن هاشم عن ناصح بن عبد الله عن سماك بن حرب عن أبي سعيد الخدري قال : قال سليمان يا نبي الله ان لكل نبي وصيا ، فمن وصيك ؟ قال : فسكت عني ، فلما كان بعد غد رآني من بعيد ، فقال : يا سلمان قلت لبيك وأسرعت إليه فقال تعلم من كان وصى موسى قلت يوشع بن نون ، ثم قال ذاك لأنه يومئذ خيرهم وأعلمهم ثم قال واني واشهد اليوم ان عليا خيرهم وأفضلهم وهو وليي ووصيي ووارثي .

علل الشرائع ج 469