شبهة إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي

تُعَدُّ رواية «إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي» من النصوص التي يستشهد بها الشيعة لإثبات دعوى أحقية علي رضي الله عنه بالخلافة بعد النبي ﷺ، وهي رواية اشتهرت في كتب الحديث، لكن التحقيق العلمي في أسانيدها وطرقها يكشف أنها لا تدل على الإمامة السياسية، وأن زيادة «وهو وليكم بعدي» لم تثبت إلا من طريق راوٍ شيعي، مما يجعلها موضع نظر من جهة الاحتجاج العقدي. كما أن معنى "الولي" في النصوص الشرعية لا ينحصر في الإمارة، بل يرد كثيراً بمعنى المحبة والنصرة، وهو ما ينسف الاستدلال الشيعي من الأساس.

2223-"ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي".

مقالات السقيفة ذات صلة:

مظاهر الشرك في العقيدة الشيعية وأثرها على التوحيد

شبهة حديث: نعم المذكر المسبحة

إثبات كفر أبي طالب من كتب الشيعة

شبهة أن ابن عمر كان يقول في الآذان حي على خير العمل

أخرجه الترمذي (3713) والنسائي في"الخصائص"(ص 13 و16 - 17) وابن حبان (2203) والحاكم (3/ 110) والطيالسي في"مسنده"(829) وأحمد (4/ 437 - 438) وابن عدي في"الكامل"(2/ 568 - 569) من طريق جعفر بن اليمان الضبعي عن يزيد الرشك.

عن مطرف عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال:

"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقدوا أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله! ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام إليه الثالث، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والغضب يعرف في وجهه فقال:"فذكره.

وقال الترمذي:"حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان".

قلت: وهو ثقة من رجال مسلم وكذلك سائر رجاله ولذلك قال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم"، وأقره الذهبي.

وللحديث شاهد يرويه أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب.. فذكر القصة بنحو ما تقدم، وفي آخره:

"لا تقع في علي، فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي".

أخرجه أحمد (5/ 356).

قلت: وإسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأجلح، وهو ابن عبد الله الكندي، مختلف فيه، وفي"التقريب":"صدوق شيعي". فإن قال قائل: راوي هذا الشاهد شيعي، وكذلك في سند المشهود له شيعي آخر، وهو جعفر بن سليمان، أفلا يعتبر ذلك طعنا في الحديث وعلة فيه؟!

فأقول: كلا لأن العبرة في رواية الحديث إنما هو الصدق والحفظ، وأما المذهب فهو بينه وبين ربه، فهو حسيبه، ولذلك نجد صاحبي "الصحيحين" وغيرهما قد أخرجوا لكثير من الثقات المخالفين كالخوارج والشيعة وغيرهم، وهذا هو المثال بين أيدينا، فقد صحح الحديث ابن حبان كما رأيت مع أنه قال في راويه جعفر في كتابه"مشاهير علماء الأمصار"(159 / 1263):"كان يتشيع ويغلو فيه".

بل إنه قال في ثقاته (6 / 140): "كان يبغض الشيخين". وهذا، وإن كنت في شك من ثبوته عنه، فإن مما لا ريب فيه أنه شيعي لإجماعهم على ذلك، ولا يلزم من التشيع بغض الشيخين رضي الله عنهما، وإنما مجرد التفضيل. والإسناد الذي ذكره ابن حبان برواية تصريحه ببغضهما، فيه جرير بن يزيد بن هارون، ولم أجد له ترجمة، ولا وقفت على إسناد آخر بذلك إليه. ومع ذلك فقد قال ابن حبان عقب ذاك التصريح:

"وكان جعفر بن سليمان من الثقات المتقنين في الروايات غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز".

على أن الحديث قد جاء مفرقا من طرق أخرى ليس فيها شيعي.

أما قوله: "إن عليا مني وأنا منه". فهو ثابت في"صحيح البخاري" (2699) من حديث البراء بن عازب في قصة اختصام علي وزيد وجعفر في ابنة حمزة، فقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "أنت مني وأنا منك".

 وروي من حديث حبشي بن جنادة، وقد سبق تخريجه تحت الحديث (1980).

وأما قوله: "وهو ولي كل مؤمن بعدي". فقد جاء من حديث ابن عباس، فقال الطيالسي (2752):

حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "أنت ولي كل مؤمن بعدي". وأخرجه أحمد (1 / 330 - 331)

ومن طريقه الحاكم (3 / 132 - 133) وقال: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وهو بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه.." وقد صح من طرق كما تقدم بيانه في المجلد الرابع برقم (1750).

فمن العجيب حقا أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه في"منهاج السنة" (4 / 104) كما فعل بالحديث المتقدم هناك، مع تقريره رحمه الله أحسن تقرير أن الموالاة هنا ضد المعاداة وهو حكم ثابت لكل مؤمن، وعلي رضي الله عنه من كبارهم، يتولاهم ويتولونه. ففيه رد على الخوارج والنواصب، لكن ليس في الحديث أنه ليس للمؤمنين مولى سواه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أسلم وغفار ومزينة وجهينة وقريش والأنصار موالي دون الناس، ليس لهم مولى دون الله ورسوله".

 فالحديث ليس فيه دليل البتة على أن عليا رضي الله عنه هو الأحق بالخلافة من الشيخين كما تزعم الشيعة لأن الموالاة غير الولاية التي هي بمعنى الإمارة، فإنما يقال فيها: والي كل مؤمن. هذا كله من بيان شيخ الإسلام وهو قوي متين كما ترى، فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث إلا التسرع والمبالغة في الرد على الشيعة، غفر الله لنا وله.

سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 5 ص 264

فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي.

هذه الزيادة لم تاتي الا من طريق الشيعي جعفر بن سليمان.

قدمت. قلت: يا رسول الله رأيت من على كذا وكذا، فقال: «لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدى» [1]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] نقل الحافظ فى الإصابة: 3/604 عن ابن السكن انه قال: فى إسناده حديثه نظر. جامع المسانيد والسنن ج 8 ص 427.