يستند بعض الرافضة إلى حديث صلاة عيسى عليه السلام خلف المهدي المنتظر لإثبات أحقية إمامة المهدي على جميع الأنبياء، بل وتفضيله عليهم، محتجين بقول المسيح: «إنما أقيمت الصلاة لك». إلا أن دراسة الحديث من حيث السند والمتن، مع مقارنة الروايات الصحيحة الأخرى، يوضح أن المقصود هو تكريم أمة محمد ﷺ وإظهار فضلها، لا تفضيل المهدي على الأنبياء. كما يكشف هذا المقال التناقض الواضح في منهج الرافضة، إذ يرفضون أحاديث صحيحة في إمامة أبي بكر رضي الله عنه، بينما يتمسكون بروايات ضعيفة أو غير ثابتة في هذا الباب.

الحديث طويل:

وموضع احتجاج الرافضة منه قول المسيح للمهدي «إنما أقيمت الصلاة لك» وكذلك «وإمامهم رجل صالح. فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح. فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقري ليتقدم عيسى يصلى بالناس. فيضع عيسى بده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصل. فإنها لك أقيمت. فيصلى بهم إمامهم».

مقالات السقيفة ذات صلة:

مظاهر الشرك في العقيدة الشيعية وأثرها على التوحيد

شبهة حديث: نعم المذكر المسبحة

إثبات كفر أبي طالب من كتب الشيعة

شبهة أن ابن عمر كان يقول في الآذان حي على خير العمل

 رواه ابن ماجه في سننه بإسناد ضعيف كما حققه شيخنا الألباني (حديث رقم4077) وضعيف الجامع حديث رقم (6384) ولكن صححه من طريق آخر كما في (صحيح الجامع الصغير حديث رقم7875).

ويحتج الرافضة بالرواية لإثبات شرعية إمامة المهدي وأنه أفضل من عيسى النبي.

ولكن في هذا الحديث ثلاثة لوازم ضد الشيعة:

قول المهدي للمسيح (تقدم للصلاة) ونسألهم: كيف يليق أن يقول للمسيح تقدم مع علمه بأنه أحق من المسيح بإمامة الصلاة؟

 ألستم تقولون: كيف حث أبو بكر الناس على مباعة أحد الرجلين: عمر أو أبا عبيدة بن الجراح؟ ألم يكن يعلم أنه هو الأولى بالإمامة؟

أما إثبات الإمامة فيلزم منها أحقية إمامة أبي بكر. فإن النبي شدد على أن يؤم أبو بكر الناس في الصلاة.

والحديث لا يتعارض مع قول المسيح في الروايات الأخرى (بعضكم أمراء بعض تكرمة الله هذه الأمة).

فإن النصوص الصحيحة يكمل كل منها معنى لم يكن في الآخر ولا يناقضه.

والمسيح أراد بيان فضل هذه الأمة أولا. وفضل أفضلها في ذلك الوقت وهو المهدي. فأمة محمد خير الأمم والمهدي أفضلها.

وتبقى الرواية الأصح سندا كما في صحيح مسلم (تكرمة الله هذه الأمة).

 فهي بيان أفضلية هذه الأمة على الأمم ولكن على الوجه الذي أراده المسيح. وهو تقدمة الأمة بمن فيها المهدي.

وقد احتج به الرافضة على عقيدتهم في تفضيل أئمتهم على الأنبياء والرسل بدليل أن المسيح قدم المهدي على نفسه مع أنه رسول نبي.

وهذا الفهم باطل، فإن المسيح أراد إظهار أفضلية هذه الأمم وأنها أكرم الأمم على الله. فجعلوا صلاة عيسى خلفه دليلا على أفضلية المهدي عليه.

ويلزمهم أن أبا بكر أفضل من علي رضي الله عنهما. فقد كان يصلي علي وراء أبي بكر بعد موت النبيe. فإن قالوا لا يلزمنا ذلك لعدم صحة أحاديث صلاة علي خلفه عندنا.

قلنا: وكذلك لم تصح رواية صلاة عيسى خلفه عندكم وأنتم تحتجون بها يا متناقضون.

علي بن إبراهيم في تفسيره أن أباه حدثه عن سليمان بن داود المنقري عن أبي حمزة الثمالي عن شهر بن حوشب قال: قال «الحجاج بن يوسف آية من كتاب الله قد أعيتني قوله: ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلكِتَٰبِ إِلَّا لَيُؤمِنَنَّ بِهِۦ قَبلَ مَوتِهِۦۚ﴾ [النساء: 159]

 والله إني لأمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يحمل فقلت أصلح الله الأمير ليس على ما أولت، قال: فكيف هو قلت إن عيسى بن مريم ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ولا يبقى أهل ملة يهودي أو نصراني أو غيره إلا وآمن به قبل موت عيسى ويصلي خلف المهدي».

رواه القمي في (تفسيره8/33 تفسير نور الثقلين2/138). ولا تصح نسبته إليه عندكم.

وفي الرواية ابراهيم بن هاشم وهو مجهول عندكم.

ورواه الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن زياد الادمي الرازي

(كمال الدين3/70و41).

في إسنادها (سهل بن زياد) وهو ضعيف عند علمائكم.

فقد قالوا:

سهل بن زياد: «أبو سعيد الآدمي الرازي روى في كامل الزيارات وتفسير القمي ضعيف جزما أو لم تثبت وثاقته روى 2304 رواية»

(المفيد من معجم رجال الحديث محمد الجواهري ص273 ت5630 وفي (رجال بن الغضائري ص66)

 «سهل بن زياد: أبو سعيد الأدمى الرازي كان ضعيفا جدا».

وجاء في الفهرست: «سهل بن زياد الأدمى الرازي يكنى أبا سعيد ضعيفا»

(الفهرست الطوسى: ص142:339).

وقال النجاشي:

 «سهل بن زياد أبو سعيد الأدمي الرازي كان ضعيف في الحديث غير معتمد عليه»

(رجال النجاشي ص185:490).

حدثنا محمدبن علي ماجيلويه قال حدثني عمي محمد بن أبي عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال حدثني محمد بن علي القرشي قال حدثني أبو الربيع الزهراني قال حدثنا جرير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال قال ابن عباس: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن لله تبارك وتعالى ملكا يقال له: دردائيل كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء والهواء كما بين السماء إلى الأرض.

(بحار الأنوار43/248).

 وأوحى الله عزوجل إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل عليه السلام أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل والقبيل ألف ألف من الملائكة على خيول بلق، مسرجة ملجمة، عليها قباب الدر والياقوت، ومعهم ملائكة يقال لهم: الروحانيون، بأيديهم أطباق من نور أن هنئوا محمد بمولود، وأخبرهه ياجبرئيل أني قد سميته الحسين، وهنئه وعزه وقل له: يا محمد يقتله شرار امتك على شرار الدواب، فويل للقاتل، وويل للسائق، وويل للقائد.... فدخل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة عليها السلام فهنأها وعزّاها، فبكت فاطمة عليها السلام وقالت: يا ليتني لم ألده قاتل الحسين في النار... فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أشهد بذلك يا فاطمة ولكنّه لا يقتل حتّى يكون منه إمام يكون منه الأئمّة الهادية بعده ثمّ قال عليه السلام والأئمّة بعدي، الهادي عليّ والمهتدي الحسن والناصر الحسين والمنصور عليّ بن الحسين والشافع محمّد بن عليّ والنفّاع جعفر بن محمّد والأمين موسى بن جعفر والرضا عليّ بن موسى والفعّال محمّد بن عليّ والمؤتمن عليّ بن محمّد والعلاّم الحسن بن عليّ ومن يصلّي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام القائم عليه السلام»

كمال الدين وتمام النعمة للصدوق الجزء الاول ص312