انتشر بين بعض المؤلفات حديثٌ يُروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الجنة درجة تدعى الوسيلة...»، وأن علياً وفاطمة والحسن والحسين يُسكنون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيها. وقد حكم العلماء على هذا الحديث بالغرابة والنكارة من هذا الوجه، وبيّن الحافظ ابن كثير وغيرُه أن إسناده لا يصح لوجود علل قادحة، أهمها ضعف الراوي عبد الحميد بن بحر البصري المتهم بسرقة الحديث، ووجود الحارث الأعور في السند وهو متهم بالكذب عند كبار المحدثين. ويهدف هذا المقال إلى توثيق أقوال الأئمة في تضعيف هذا الأثر، وشرح أسباب عدم صحته.

قال الحافظ ابن كثير:

 " رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَحْرٍ: حَدَّثَنَا شَريك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةٌ تُدْعَى الْوَسِيلَةَ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يُسْكَنُ مَعَكَ؟ قَالَ: "عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ".

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ [1]

فالأثر لا يصح، وهو معلل بعلتين:

1 عبد الحميد بن بحر البصري.

قال الامام ابن حبان:

" 748 - عبد الحميد بن بَحر الْكُوفِي سكن الْبَصْرَة يروي عَن مَالك وَشريك والكوفيين مِمَّا لَيْسَ من أَحَادِيثهم كَانَ يسرق الحَدِيث لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال .... "

المجروحين ابو حاتم محمد بن حبان البستي ج 2 ص 142

مقالات السقيفة ذات صلة:

مظاهر الشرك في العقيدة الشيعية وأثرها على التوحيد

شبهة حديث: نعم المذكر المسبحة

إثبات كفر أبي طالب من كتب الشيعة

شبهة أن ابن عمر كان يقول في الآذان حي على خير العمل

وقال الامام المقريزي:

 " [1472] عبد الحميد بن بَحر أَبُو الْحسن العسكري لَهُ غير حَدِيث مُنكر رَوَاهُ وَسَرَقَهُ من قوم ثِقَات - قَالَه ابْن عدي "

مختصر الكامل في الضعفاء - أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي ص 596

قال الامام الذهبي:

 " 3483 - عبد الحميد بن بَحر بَصرِي كُوفِي الأَصْل عَن مَالك قَالَ ابْن حبَان كَانَ يسرق الحَدِيث "

المغني في الضعفاء محمد بن احمد الذهبي ج 1 ص 368

وقال الحافظ ابن الجوزي:

" 1821 - عبد الحميد بن بَحر الْكُوفِي سكن الْبَصْرَة يروي عَن مَالك قَالَ ابْن حبَان يسرق الحَدِيث وَيحدث عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال "

 الضعفاء والمتروكون عبد الرحمن بن علي بن الجوزي ج 2 ص 84

2 الحارث الاعور.

قال الامام مسلم:

 " 51 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَارِثُ الأَعْوَرُ الْهَمْدَانِىُّ وَكَانَ كَذَّابًا "

الضعفاء محمد بن اسماعيل البخاري ص 28

وقال الامام البخاري:

" 60 - الْحَارِث بن عبد الله أَبُو الزهير الْهَمدَانِي الْأَعْوَر الْكُوفِي بن يُونُس عَن زَائِدَة عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه اتهمَ الْحَارِث وَقَالَ بَعضهم الْحَارِث بن عبيد "

الضعفاء محمد بن اسماعيل البخاري ص 28

وقال الامام الذهبي:

" 1236 عه الْحَارِث بن عبد الله الاعور من كبار عُلَمَاء التَّابِعين قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ كَذَّاب وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقد كذبه الشّعبِيّ وَقَالَ ابوبكر بن عَيَّاش عَن مُغيرَة قَالَ لم يكن يصدق عَن عَليّ فِي الحَدِيث إِلَّا اصحاب عبد الله "

المغني في الضعفاء محمد بن احمد الذهبي ج 1 ص 14

 

 

[1] ووجه غرابته أنه من رواية عبد الحميد بن بحر البصري، قال ابن حبان: كان يسرق الحديث، والحارث هو الأعور كذبه الشعبي وضعفه جماعة " تفسير ابن كثير تحقيق سامي بن محمد سلامة ج 3 ص 105