في مدرسة الإمامية، لا يُخرج مرتكب الكبيرة عن دائرة الإيمان، بل يُعتبر مؤمناً فاسقاً يُعاقب جزاءً على ذنوبه لكنه ليس بكافر. هذا المقال يستعرض آراء كبار العلماء مثل الكليني، المجلسي، البحراني، الطوسي، والسيد المرتضى، إضافة إلى نصوص الأحاديث والكتب الفقهية التي توضّح موقف الإمامية من الكبائر، الشفاعة، وعلاقة الذنب بالإيمان.

مقالات السقيفة ذات صلة:

الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها

أصول أهل السنة والجماعة في الصفات

رواية الشاب الأمرد في كتب الشيعة

ثبت عدم خروج مرتكب الكبيرة من الايمان، ففي الكافي:

 " 18 - يُونُسُ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ الْكَبَائِرَ فَمَا سِوَاهَا قَالَ قُلْتُ دَخَلَتِ الْكَبَائِرُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ قَالَ نَعَمْ " اهـ.

الكافي الكليني - ج 2 ص 284، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول موثق كالصحيح ج 10 ص 41

ومما يؤكد ذلك ما جاء في كتاب سليم بن قيس:

" قلت: أصلحك الله، فمن لقي الله مؤمنا عارفا بإمامه مطيعا له، أمن أهل الجنة هو؟ قال: نعم إذا لقي الله وهو مؤمن من الذين قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة: 82]، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يونس: 63]، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: 82].

قلت: فمن لقي الله منهم على الكبائر؟ قال: هو في مشيته، إن عذبه فبذنبه وإن تجاوز عنه فبرحمته " اهـ

كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 172

وفي الكافي:

" 6 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ سَجِيَّتُهُ الْكَذِبَ وَالْبُخْلَ وَالْفُجُورَ وَرُبَّمَا أَلَمَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً لَا يَدُومُ عَلَيْهِ قِيلَ فَيَزْنِي قَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ لَا يُولَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ النُّطْفَةِ " اهـ

الكافي الكليني - ج 2 ص 442، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول حسن كالصحيح ج 11 ص 320

مقالات السقيفة ذات صلة:

أن الله كتب التوراة لموسى بيده

الأصل حمل الصفات على الحقيقة (3)

وقال البحراني:

 " وقد دل صحيح هشام بن سالم المروي في الفقيه على أن شارب الخمر والزاني والسارق يصلي عليهم إذا ماتوا. وبالجملة من حيث عدم الخروج عن الايمان تدركهم الشفاعة ويكونون بذلك من أهل الجنة كما دل عليه قوله صلى الله عليه وآله (إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) هذا مع عدم حصول التوبة وإلا فيسقط البحث. والله العالم " اهـ

الحدائق الناضرة - يوسف البحراني - ج 10 - ص 366 367

وقال الطوسي:

 " 617 - محمد بن مسعود، قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني أبو داود المسترق، عن عبد الله بن راشد، عن عبيد بن زرارة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده البقباق، فقلت له: جعلت فداك رجل أحب بني أمية أهو معهم؟ قال: نعم، قلت رجل أحبكم أهو معكم؟

قال: نعم، قلت: وان زنى وان سرق؟ قال: فنظر إلى البقباق فوجد منه غفلة، ثم أومى برأسه نعم " اهـ.

اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 627

وفي نهج البلاغة:

" ومن كلام له (عليه السلام) للخوارج أيضاً فإنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَاتُ وَضَلَلْتُ، فَلِمَ تُضَلِّلونُ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) بِضَلاَلِي، وَتَاخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي، وَتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوِبي! سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ البَراءةِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ. وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) رَجَمَ الزَّانِيَ [الْمُحْصَنَ] ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ، وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ أَهْلَهُ، وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الْمُحْصَنِ ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ وَنَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ ; فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِذُنُوبِهمْ، وَأَقَامَ حَقَّ اللهِ فِيهمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الاسْلاَمِ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ." اهـ

نهج البلاغة الشريف الرضي - ج 2 ص 7 9